للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَنْظَرَهُ أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يُنْظِرَهُ فَاقْتَضَى الَّذِي أَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ بَعْضَ حَقِّهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ قَالَ مَالِكٌ يَتَحَاصَّانِ مَا تَرَكَ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُمَا عَلَيْهِ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ فَضْلًا عَنْ كِتَابَتِهِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَقَدْ اقْتَضَى الَّذِي لَمْ يُنْظِرْهُ أَكْثَرَ مِمَّا اقْتَضَى صَاحِبُهُ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ فَضْلَ مَا اقْتَضَى؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَإِنْ وَضَعَ عَنْهُ أَحَدُهُمَا الَّذِي لَهُ، ثُمَّ اقْتَضَى صَاحِبُهُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَرُدُّ الَّذِي اقْتَضَى عَلَى صَاحِبِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ لِلرَّجُلَيْنِ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُنْظِرُهُ أَحَدُهُمَا وَيَشِحُّ الْآخَرُ فَيَقْتَضِي بَعْضَ حَقِّهِ ثُمَّ يُفْلِسُ الْغَرِيمُ فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي اقْتَضَى أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ)

ــ

[المنتقى]

كَانَ بَعْدَهَا مِنْ الْقَطَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ اللَّذَيْنِ كَاتَبَاهُ عِتْقٌ مُبَاشَرَةً وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُمَا عَقْدٌ يُفْضِي إلَى الْعِتْقِ عَلَى عِوَضٍ قَبَضَاهُ وَذَلِكَ الْعَقْدُ فِي نَفْسِهِ فَاسِدٌ لَا يَجُوزُ إمْضَاؤُهُ فَرُدَّ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ إذَا كَاتَبَا عَبْدَهُمَا كِتَابَةً وَاحِدَةً جَازَ ذَلِكَ إذَا كَاتَبَاهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا بِنِصْفَيْنِ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ الْكِتَابَةِ مَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ لَا زِيَادَةَ وَلَا نُقْصَانَ وَلَا يَقْضِي أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتِرَاطَا ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا مُقْتَضَاهُ وَإِنْ كَاتَبَاهُ عَلَى أَنْ يَبْدَأَ أَحَدُهُمَا بِالنَّجْمِ الْأَوَّلِ أَبَدًا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا أَنْ يَبْدَأَهُ بِبَعْضِهَا وَتُفْسَخُ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ مَنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ لَمْ يَرْضَ بِالْكِتَابَةِ إلَّا بِجُعْلٍ يُرِيدُ لَا يَدْرِي مَا يَتِمُّ مِنْهُ.

وَقَالَ أَشْهَبُ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الَّذِي اشْتَرَطَ التَّبْدِئَةَ بِتَرْكِ مَا اشْتَرَطَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَمْضِي الْكِتَابَةُ وَتَبْطُلُ التَّبْدِئَةُ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ مِنْهَا شَيْئًا فَكَمَا قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ اقْتَضَى مِنْهَا صَدْرًا نَفَذَتْ الْكِتَابَةُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ أَحَدَهُمَا ازْدَادَ زِيَادَةً فِي الْكِتَابَةِ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي مِلْكِهِ كَمَا لَوْ عَقَدَا الْكِتَابَةَ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ يُنْقَضُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُمَا عَقَدَا الْكِتَابَةَ عَلَى أَنْ يُسْلِفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَإِنْ أَسْقَطَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ مَا شَرَطَهُ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ ذَلِكَ صَحَّ الْعَقْدُ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ يَجُوزُ فِيهِ الْغَرَرُ فَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ شَرْطٌ لَا يَجُوزُ مَعَ سَلَامَةِ الْعِوَضَيْنِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَثَبَتَ الْعَقْدُ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ رَاجِعٌ إلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَنْظَرَهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يُنْظِرَهُ فَاقْتَضَى الَّذِي أَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ بَعْضَ حَقِّهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ بِالْكِتَابَةِ يَتَحَاصَّانِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُمَا عَلَيْهِ يُرِيدُ أَنَّ الَّذِي أَنْظَرَهُ إنَّمَا أَنْظَرَ الْمُكَاتَبَ بِمَا وَجَبَ لَهُ اقْتِضَاؤُهُ فَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ فَعَلَى مَا قَالَ إذَا تَرَكَ مَا يُقَصِّرُ عَلَى الْأَدَاءِ تَحَاصَّا فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا بَقِيَ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَضَى أَحَدُهُمَا نِصْفَ حِصَّتِهِ وَبَقِيَ لَهُ نِصْفُهَا وَلَمْ يَقْتَضِ الْآخَرُ شَيْئًا تَحَاصَّا فَأَخَذَ الْمُقْتَضِي ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَأَخَذَ الَّذِي تَرَكَ ثُلُثَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حِسَابُ مَا بَقِيَ لَهُمَا عِنْدَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ أَوْ عَجَزَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا لَمْ يَرْجِعْ الَّذِي أَنْظَرَهُ عَلَى الَّذِي اقْتَضَى بِشَيْءٍ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ وَأَسْلَفَهُ حِصَّتَهُ مِمَّا قَبَضَ شَرِيكُهُ وَلَمْ يُسْلِفْ شَرِيكَهُ شَيْئًا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ سَأَلَهُ الْمُكَاتَبِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى شَرِيكِهِ مَا جَاءَ بِهِ فَهُوَ إنْظَارٌ لِلْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلشَّرِيكِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَغَّبَ إلَيْهِ الشَّرِيكُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنْ يُنْظِرَ هُوَ الْمُكَاتَبَ فَرَضِيَ بِهَذَا الشَّرْطِ فَهَذَا إنْظَارٌ أَيْضًا لِلْمُكَاتَبِ.

(فَرْعٌ) وَإِنْظَارُ الْمُكَاتَبِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>