للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

(مَسْأَلَةٌ) :

وَعَقْدُ الْكِتَابَةِ عَلَى جَمْعٍ عَبِيدٍ لِسَيِّدٍ وَاحِدٍ، أَوْ لِسَادَاتٍ يَفْتَقِرُ إلَى تَقْدِيرِ جُمْلَةِ الْكِتَابَةِ دُونَ تَقْدِيرِ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي عِوَضِهَا لَمَّا كَانَ مَقْصُودُهَا الْعِتْقَ وَلَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ مَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الْأَعْوَاضِ فِي الْعُقُودِ الَّتِي مَقْصُودُهَا الْمُعَارَضَةُ وَيَكُونُ الْعِوَضُ فِيهَا دَيْنًا ثَابِتًا وَهَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَجُلَيْنِ جَمْعُ ثَوْبِهِمَا فِي الْبَيْعِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ بِتَجْوِيرِ ذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى فَرْقٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ أَحَدِ الْمُكَاتَبَيْنِ بِجَمِيعِ مَا عَلَى جُمْلَتِهِمْ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِهِمْ مَعَ الْحَيَاةِ وَالْقُدْرَةِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعًا لِحَقِّ الضَّمَانِ فَمَا كَانَ الْمَضْمُونُ حَاضِرًا قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ طَلَبُ أَحَدِهِمْ بِحَقِّ الضَّمَانِ وَإِنَّمَا لَهُ طَلَبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا يَخُصُّهُ بِحَقِّ الْكِتَابَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْقَبْضُ مِنْ بَعْضِهِمْ بِأَنْ عَجَزَ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، أَوْ تَغَيَّبَ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ غَيْرِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا يُوضَعُ عَنْهُمْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمْ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنَّ أَصْحَابَهُ قَدْ ضَمِنُوا مَا عَلَيْهِ وَقَدْ الْتَزَمُوا الْكِتَابَةَ جُمْلَةً، وَالْكِتَابَةُ تُنَافِي التَّبْعِيضَ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ فَإِنْ اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمْ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ مِنْ أَصْلِهِ وَقَدْ عَلِمَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُوضَعُ عَنْهُمْ حِصَّتُهُ فِي ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ أَنَّ الْعَقْدَ فِي الَّذِي مَاتَ تَنَاوَلَهُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ فَلَزِمَهُمْ مَا يَخُصُّهُ كَمَا لَوْ عَجَزَ وَهَذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ فَلِذَلِكَ وُضِعَ عَنْهُمْ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُمْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَحُطُّ عَنْهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ إنْ كَانُوا أَرْبَعَةً حُطَّ عَنْهُمْ رُبْعُ الْعَدَدِ بِاسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمْ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ عَجَزْت يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ عَجْزَهُ إلَّا بِدَعْوَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِذَلِكَ مَا لَزِمَهُ بِالْكِتَابَةِ وَلِأَصْحَابِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلُوهُ مَا يُطِيقُ مِنْ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْقُوَّةِ عَلَى السَّعْيِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْهُ إلَى رِقٍّ؛ وَلِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ لَازِمٌ فَاَلَّذِي يَدَّعِي الْعَجْزَ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَعْجِزَ نَفْسَهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ نَافِعٍ إنَّهُ إذَا كَرِهَ الْكِتَابَةَ فَعَجَّزَ نَفْسَهُ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ عَادَ مَمْلُوكًا وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ نَافِعٍ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ أَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَنْفُذُ عِوَضُهَا فَلَزِمَتْ فِي الْجَنْبَتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْجُعْلُ فَإِنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مُتَقَرِّرٍ بِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ فِي جَنْبَةِ الْعَامِلِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ مَالٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ عَلَى الْعَبْدِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَحَمَّلَ بِهِ عَنْهُ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَدَاؤُهُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُهُ عَنْهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ جَائِزٌ لَا يُرِيدُ أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ فَسْخَهُ إذَا شَاءَ وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَدَائِهِ وَإِذَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَدَائِهِ خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ الصَّبْرِ وَبَيْنَ فَسْخِ كِتَابَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ مَالٌ ظَاهِرٌ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ إذَا كَانَ مَالُهُ صَامِتًا لَا يُعْرَفُ فَلَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ، ثُمَّ أَظْهَرَ أَمْوَالًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُرَدّ إلَى الْكِتَابَةِ وَكَانَ رَقِيقًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ نَفْسَهُ لِعَدَمِ مَالٍ ظَاهِرٍ يُؤَدِّي مِنْهُ فَقَدْ بَطَلَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ وَتَقَرَّرَ مِلْكُ السَّيِّدِ عَلَيْهِ فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِظُهُورِ مَالِهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ لَمْ تَتَقَدَّمْ فِي كِتَابَةٍ.

(فَرْعٌ) وَأَيْنَ يُعَجِّزُ نَفْسَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُعَجِّزُ نَفْسَهُ دُونَ السُّلْطَانِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ التَّعْجِيزُ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ عَقَدَهُ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِ السَّيِّدِ بِعِوَضٍ فَجَازَ لَهُمَا فَسْخُهُ وَنَقْضُهُ كَالْبَيْعِ وَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لَهُمَا نَقْضُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>