للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُقَاطِعَهُ عَلَى حِصَّتِهِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ بَيْنَهُمَا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَلَوْ قَاطَعَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ، ثُمَّ حَازَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَلَهُ مَالٌ أَوْ عَجَزَ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ قَاطَعَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ وَيُرْجِعَ حَقَّهُ فِي رَقَبَتِهِ)

ــ

[المنتقى]

يُجْعَلَ عِتْقُ الْمُكَاتَبِ عَلَى شَيْءٍ يُقَاطَعُ عَلَيْهِ مُعَجَّلٍ، أَوْ مُؤَجَّلٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ أُمِّ سَلَمَةَ أَصْلَ الْكِتَابَةِ بِالذَّهَبِ فَيُقَاطِعُهُ بِالذَّهَبِ، أَوْ بِالْوَرِقِ مُقَاطَعَةً بِالْوَرِقِ فَهَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِهِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ لَا يُقَاطِعُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِعِوَضٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ النَّاسُ قَالَ الزُّهْرِيُّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرُ ابْنِ عُمَرَ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ تَأَوَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَوِّلِينَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] أَنَّ ذَلِكَ قَطَاعَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى بَعْضِ مَا عَلَيْهِ وَتَرْكُ الْبَعْضِ لَهُ عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِالذَّهَبِ فَيُقَاطِعُهُ بِذَهَبٍ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إذَا بِيعَتْ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ فَيَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهَا سَيِّدُهُ كَيْفَ شَاءَ فَيَنْقُلَهُ مِنْ ذَهَبٍ إلَى وَرِقٍ وَمِنْ وَرِقٍ إلَى ذَهَبٍ وَمِنْ عُرُوضٍ إلَى عُرُوضٍ مِنْ جِنْسِهَا وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ بَيْعِهَا مِنْ الْعَبْدِ إنَّمَا هُوَ تَرْكُ مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ وَالْعُدُولُ عَنْهُ إلَى مَالِ يُعَجَّلُ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ تُقَاطِعُ مُكَاتَبِيهَا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَصْلِ الْكِتَابَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَاطَعَ الْمُكَاتَبُ وَيُعَجِّلَ عِتْقَهُ بِشَيْءٍ يُعَجِّلُهُ، أَوْ يُؤَخِّرُهُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ أَجَلِ الْكِتَابَةِ، أَوْ أَقْرَبَ كَانَ طَعَامًا، أَوْ غَيْرَهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَمَنْ اشْتَرَى كِتَابَةَ الْمُكَاتَبِ جَازَ أَنْ يُقَاطِعَهُ بِمَا يُقَاطِعُهُ بِهِ سَيِّدُهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ مِنْ حُكْمِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي مَالِهِ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ اشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُقَاطِعَهُ عَلَى شَيْءٍ يَنْفَرِدُ بِتَعْجِيلِهِ دُونَ شَرِيكِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِيهِ فَإِنْ فَعَلَ وَكَمُلَتْ مُقَاطَعَتُهُ لَهُ صَارَ ذَلِكَ رِضَا بِمَا أَخَذَهُ عَنْ حِصَّتِهِ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَلَى مَا كَانَ الْمُتَمَسِّكُ أَحَقَّ بِجَمِيعِهِ وَكَذَلِكَ إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِرَقَبَتِهِ لِأَنَّ الَّذِي قَاطَعَهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ وَعِتْقُ الْمُكَاتَبِ لَا يَتَبَعَّضُ فَكَانَ الْمُتَمَسِّكُ أَحَقَّ بِمَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَبِرَقَبَتِهِ بَعْدَ عَجْزِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ.

وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَبَضَ الْمُتَمَسِّكُ مِثْلَ مَا قَبَضَ الَّذِي قَاطَعَهُ فَلَا حُجَّةَ لِلْمُتَمَسِّكِ فِي مَوْتِهِ إنْ لَمْ يَدَعْ شَيْئًا وَلَا فِي عَجْزِهِ لِأَنَّهُمَا فِي الْعَجْزِ يَتَسَاوَيَانِ فِي رَقَبَتِهِ وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ الْمَيِّتَ مَا يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُتَمَسِّكُ مِثْلَ مَا أَخَذَ الْمُقَاطَعُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَاخْتُلِفَ إذَا عَجَزَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُتَمَسِّكُ إلَّا أَقَلَّ مِنْ الْآخَرِ لِاخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْخِيَارُ لِلْمُتَمَسِّكِ إنْ شَاءَ رَجَعَ بِنِصْفِ الْفَضْلِ عَلَى الْآخَرِ، أَوْ تَمَاسَكَ بِالْعَبْدِ كُلِّهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ الرُّوَاةُ لَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ الْفَضْلِ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُتَمَسِّكُ بِالْعَبْدِ رَجَعَ الْخِيَارُ لِلْمُقَاطَعِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَاطَعَ بِإِذْنِهِ، أَوْ حَكَمَ بِهِ فَرَضِيَ وَرَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَاطَعَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَعَجَزَ فَرَقَبَتُهُ عِنْدَ مَالِكٍ لِلَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ خَالِصًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَأْخُذَ بِنِصْفِ مَا يَفْضُلُهُ بِهِ الَّذِي قَاطَعَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَكَانَ الْعَبْدُ خَالِصًا وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فَمِيرَاثُهُ لِلْمُتَمَسِّكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَاطَعَ قَدْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِمَّا تَرَكَ الْعَبْدُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ مَا يَفْضُلُ بِهِ قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ غَلِطَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ وَهِيَ وَاضِحَةٌ فِي رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى سَأَلْت ابْنَ نَافِعٍ وَأَخْبَرْته بِقَوْلِ مَالِكٍ وَرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ لَسْت أَعْرِفُ مَا يَقُولُ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَرَى أَنْ يَفْسَخَ وَيَرْجِعَ إلَى نَصِيبِهِ مِنْ الرَّقَبَةِ إنْ عَجَزَ، أَوْ مِنْ الْمِيرَاثِ إنْ مَاتَ عَلَى مَا أَحَبَّ شَرِيكُهُ، أَوْ كَرِهَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَلَيْسَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>