للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُدْفَعُ إلَى سَيِّدِهِمْ الَّذِي لَهُ الْكِتَابَةُ وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ فَيُوضَعُ عَنْهُ مَا أَخَذَ سَيِّدُهُ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَكَانَ دِيَةُ جُرْحِهِ الَّذِي أَخَذَ سَيِّدُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ إلَى سَيِّدِهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَانَ الَّذِي أَخَذَ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَدْ عَتَقَ وَإِنْ كَانَ عَقْلُ جُرْحِهِ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَخَذَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ وَعَتَقَ وَكَانَ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لِلْمُكَاتَبِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إلَى سَيِّدِهِ أَعْوَرَ، أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ، أَوْ مَعْضُوبَ الْجَسَدِ وَإِنَّمَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَى مَالِهِ وَكَسْبِهِ وَلَمْ يُكَاتِبْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ وَلَدِهِ وَلَا مَا أُصِيبَ مِنْ عَقْلِ جَسَدِهِ فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ وَلَكِنْ عَقْلُ جِرَاحَاتِ الْمُكَاتَبِ وَوَلَدِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ، أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ يُدْفَعُ إلَى سَيِّدِهِ وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ) .

بَيْعُ الْمُكَاتَبِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ إنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مُكَاتَبَ الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إذَا كَانَ كَاتَبَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ إلَّا بِعَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ يُعَجِّلُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِأَنَّهُ إنْ أَخَّرَهُ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَقَدْ نُهِيَ عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ قَالَ وَإِنْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ بِعَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ أَوْ الرَّقِيقِ

ــ

[المنتقى]

يُدْفَعُ إلَى سَيِّدِهِمْ الَّذِي لَهُ الْكِتَابَةُ وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ فَيُوضَعُ عَنْهُ مَا أَخَذَ سَيِّدُهُ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَكَانَ دِيَةُ جُرْحِهِ الَّذِي أَخَذَ سَيِّدُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ إلَى سَيِّدِهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَانَ الَّذِي أَخَذَ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَدْ عَتَقَ وَإِنْ كَانَ عَقْلُ جُرْحِهِ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَخَذَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ وَعَتَقَ وَكَانَ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لِلْمُكَاتَبِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إلَى سَيِّدِهِ أَعْوَرَ، أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ، أَوْ مَعْضُوبَ الْجَسَدِ وَإِنَّمَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَى مَالِهِ وَكَسْبِهِ وَلَمْ يُكَاتِبْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ وَلَدِهِ وَلَا مَا أُصِيبَ مِنْ عَقْلِ جَسَدِهِ فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ وَلَكِنْ عَقْلُ جِرَاحَاتِ الْمُكَاتَبِ وَوَلَدِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ، أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ يُدْفَعُ إلَى سَيِّدِهِ وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ) .

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا جَنَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَنَّ عَقْلَ جُرْحِهِ عَقْلُ جُرْحِ عَبْدٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ قَالَ وَيَدْفَعُ ذَلِكَ الْعَقْلَ إلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ بَعْضِ الْمُكَاتَبِ لِئَلَّا يَفُوتَ الَّذِي تَلِفَ بِالْجِنَايَةِ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِوَضِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى رُجُوعِ الْعَبْدِ إلَيْهِ بِالْعَجْزِ نَاقِصًا وَقَدْ فَاتَ الْعِوَضُ فَوَجَبَ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَيُحْتَسَبُ لَهُ بِهِ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ يُرِيدُ فِيمَا يُتِمُّ عِتْقَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ احْتَسَبَ لَهُ فِي أَوَّلِ نَجْمٍ وَفِيمَا لَا يَتِمُّ عِتْقُهُ بِهِ مِنْ عَبْدِهِ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ ذَلِكَ إلَيْهِ فِي أَوَّلِ نَجْمٍ دَفْعٌ عَمَّا لَيْسَ بِعِوَضٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَمَّا كَانَتْ لَا تَتَبَعَّضُ لَا يَكُونُ عِوَضًا مِنْ جَمِيعِهَا إلَى الدَّفْعَةِ الَّتِي يَتِمُّ الْعِتْقُ بِهَا وَأَمَّا مَا يُؤَدِّي لَهُ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ ذَلِكَ فَنَوْعٌ مِنْ الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ آخِرِ نَجْمٍ وَرَجَعَ رَقِيقًا بَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَجَزَ وَلَمْ يُعْطِ شَيْئًا فَإِذَا أَدَّاهُ عَنْ أَوَّلِ نَجْمٍ رَجَعَ إلَيْهِ الْمُكَاتَبِ لِعَجْزِهِ نَاقِصًا بِبَعْضِ الْجِنَايَةِ وَحُكْمًا لِمَا قَبَضَ مِنْ نُجُومِهِ بِحُكْمِ الْغَلَّةِ فَقَدْ أَخَذَ غَلَّةَ عَبْدِهِ عِوَضًا عَنْ جُزْءٍ قَدْ ذَهَبَ مِنْهُ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا لَوْ لَمْ يُكَاتِبْهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَقْلُ الْجُرْحِ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ أَخَذَ السَّيِّدُ مِنْ ذَلِكَ بَقِيَّةَ كِتَابَتِهِ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَدُفِعَ إلَيْهِ الْفَضْلُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ عَقْلَ الْجُرْحِ إذَا كَانَ فِيهِ أَدَاءُ الْكِتَابَةِ عُجِّلَ لِلسَّيِّدِ أَدَاؤُهُ وَإِنْ كَانَتْ النُّجُومُ لَمْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدَاءٌ اُحْتُسِبَ لَهُ بِهِ فِي آخِرِ نَجْمٍ فَإِذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ عُجِّلَ لَهُ الْأَدَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَجَّلُ بِهِ الْعِتْقُ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عِوَضًا مِنْ عَيْنِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَجُزْ تَسْلِيمَهُ إلَى الْعَبْدِ لِئَلَّا يَفُوتَ لَمْ يَرْجِعْ إلَى السَّيِّدِ نَاقِصًا وَكَانَ تَعْجِيلُ دَفْعِهِ إلَى السَّيِّدِ تَعْجِيلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ لَزِمَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْعَبْدِ فِي تَأْخِيرِهِ بِخِلَافِ مَالِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ لَا يُعَجِّلُ لِلسَّيِّدِ قَبْلَ حُلُولِ النُّجُومِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعِوَضٍ عَنْ عَيْنِ الْمُكَاتَبِ؛ وَلِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ حَقًّا فِي تَصْرِيفِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ إلَى أَنْ تَحِلَّ نُجُومُ كِتَابَتِهِ فَافْتَرَقَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>