للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ نَقْدًا وَذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاءَهُ نَفْسَهُ عَتَاقَةٌ وَأَنَّ الْعَتَاقَةَ تَبْدَأُ عَلَى مَا كَانَ مَعَهَا مِنْ الْوَصَايَا، وَإِنْ بَاعَ بَعْضُ مَنْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَبَاعَ نِصْفَ الْمُكَاتَبِ، أَوْ ثُلُثَهُ، أَوْ رُبُعَهُ، أَوْ سَهْمًا مِنْ أَسْهُمِ الْمُكَاتَبِ فَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ فِيمَا بِيعَ مِنْهُ شُفْعَةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْقَطَاعَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَاطِعَ بَعْضَ مَنْ كَاتَبَهُ إلَّا بِإِذْنِ شُرَكَائِهِ وَأَنَّ مَا بِيعَ مِنْهُ لَيْسَتْ لَهُ بِهِ حُرْمَةٌ تَامَّةٌ وَأَنَّ مَالَهُ مَحْجُورٌ عَنْهُ وَأَنَّ اشْتِرَاءَهُ بَعْضَهُ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ الْعَجْزُ لِمَا يَذْهَبُ مِنْ مَالِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ كَامِلًا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ مَنْ بَقِيَ لَهُ فِيهِ كِتَابَةٌ فَإِنْ أَذِنُوا لَهُ كَانَ أَحَقَّ بِمَا بِيعَ مِنْهُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَا يَحِلُّ بَيْعُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ وَذَلِكَ أَنَّهُ غَرَرٌ إنْ عَجَزَ بَطَلَ مَا عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ وَأَفْلَسَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِلنَّاسِ لَمْ يَأْخُذْ الَّذِي اشْتَرَى نَجْمَهُ بِحِصَّتِهِ مَعَ غُرَمَائِهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا الَّذِي يَشْتَرِي نَجْمًا مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ فَسَيِّدُ الْمُكَاتَبِ لَا يُحَاصُّ بِكِتَابَةِ غُلَامِهِ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ، وَكَذَلِكَ الْجِرَاحُ أَيْضًا يَجْتَمِعُ لَهُ عَلَى غُلَامِهِ فَلَا يُحَاصُّ بِمَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنْ الْجِرَاحِ غُرَمَاءُ غُلَامِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ بِعَرْضٍ أَوْ بِعَيْنٍ مُخَالِفٍ كُوتِبَ بِهِ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْعَرْضِ أَوْ غَيْرِ مُخَالِفٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَخَّرٍ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَهْلِكُ وَيَتْرُكُ أُمَّ وَلَدٍ وَأَوْلَادًا لَهُ صِغَارًا مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يَقْوَوْنَ عَلَى السَّعْيِ وَيُخَافُ عَلَيْهِمْ الْعَجْزَ عَنْ كِتَابَتِهِمْ قَالَ تُبَاعُ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ إذَا كَانَ فِي ثَمَنِهَا مَا يُؤَدَّى بِهِ عَنْهُمْ جَمِيعُ كِتَابَتِهِمْ أُمَّهُمْ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ أُمِّهِمْ يُؤَدَّى عَنْهُمْ وَيَعْتِقُونَ؛ لِأَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ لَا يَمْنَعُ بَيْعَهَا إذَا خَافَ الْعَجْزَ عَنْ كِتَابَتِهِ فَهَؤُلَاءِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِمْ الْعَجْزُ بِيعَتْ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ فَيُؤَدَّى عَنْهُمْ ثَمَنُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهَا مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ وَلَمْ تَقْوَ هِيَ وَلَا هُمْ عَلَى السَّعْيِ رَجَعُوا رَقِيقًا لِسَيِّدِهِمْ) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْمُكَاتَبَ أَحَقُّ بِشِرَاءِ كِتَابَتِهِ إذَا اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الشُّفْعَةِ وَلَكِنَّهُ مِنْ بَابِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِلْكِ، وَالْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى كِتَابَتَهُ عَتَقَ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ اشْتِرَاءِ غَيْرِهِ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ الشِّرَاءَ رُبَّمَا أَدَّى إلَى تَمَلُّكٍ وَاسْتِرْقَاقٍ فَأَمَّا إنْ بِيعَتْ بَعْضُ كِتَابَتِهِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا؛ لِأَنَّ شِرَاءَ بَعْضِ كِتَابَتِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى عِتْقِهِ، وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْعِتْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ فَإِذَا اجْتَمَعَ مَعَ التَّمْلِيكِ عِنْدَ ابْتِدَائِهَا كَانَ الْعِتْقُ، أَوْلَى.

(فَرْعٌ) وَهَذَا يَجْرِي عِنْدِي مَجْرَى التَّمْلِيكِ فَإِنْ قَامَ بِذَلِكَ الْمُكَاتَبُ عِنْدَ بَيْعِ كِتَابَتِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَى أَنْ يُوقَفَ فَيَتْرُكَ ذَلِكَ، أَوْ يَشْرَعَ فِي أَدَاءِ النُّجُومِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ يُرِيدُ نَجْمًا مُعَيَّنًا لِمَا فِيهِ الْغَرَرُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ النَّجْمُ الَّذِي بَاعَهُ أَوَّلَ نَجْمٍ فَقَبَضَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ رَقَّ جَمِيعُهُ وَبَطَلَ حُكْمُ ذَلِكَ النَّجْمِ وَإِنْ اشْتَرَى الثَّانِيَ رُبَّمَا عَجَزَ الْعَبْدُ قَبْلَهُ فَلَا يَدْرِي مَا يَصِيرُ إلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى نَجْمًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالُوا لِأَنَّ بَيْعَهُ نَجْمًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ يَرْجِعُ إلَى بَيْعِ جُزْءٍ مِنْ الْكِتَابَةِ وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى رِوَايَةِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ الْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ الْجُزْءِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُ نَجْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ فِي الْمُكَاتَبِ يَهْلِكُ وَيَتْرُكُ أُمَّ وَلَدٍ وَوَلَدًا لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>