للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

يَجُزْ إبْطَالُ التَّدْبِيرِ بِالْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ الْعِتْقُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْعِتْقَ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ بِهِ كَالْمُدَبَّرَةِ يَطَؤُهَا سَيِّدُهَا فَتَحْمِلُ مِنْهُ أَنَّ التَّدْبِيرَ يَبْطُلُ بِالِاسْتِيلَادِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى فِي بَابِ الْعِتْقِ مِنْهُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا أَنَّهُ يَفُوتُ بِالْعِتْقِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَالثَّمَنُ سَائِغٌ لَهُ حَلَالٌ وَرَوَاهُ فِي الْمُزَنِيَّةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ يُؤْمَرُ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ الْمُدَبَّرَ فَأَعْتَقَهُ عَنْ رَقَبَةٍ وَاجِبَةٍ مِنْ ظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِئُهُ وَيُنَفَّذُ عِتْقُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ لَمْ يُفْتِ بِالشِّرَاءِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَا لَمْ يَعْتِقْ فَإِنْ عَتَقَ نُفِّذَ عِتْقُهُ وَالْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ بَاعَ مُدَبَّرَةً فَحَمَلَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ فَوْتٌ كَالْعِتْقِ مِنْ الْمَوَّازِيَّةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَثْبَتَ لَهَا حُكْمَ الْعِتْقِ الْوَاجِبِ فَكَانَ ذَلِكَ أَقْوَى مِمَّا يَرُدُّ إلَيْهِ مِنْ التَّدْبِيرِ كَالْعِتْقِ الْمُؤَجَّلِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ مَنْ بَاعَ مُدَبَّرًا عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ فَمَاتَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَلْيَنْظُرْ إلَى مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ عَبْدًا وَقِيمَتِهِ مُدَبَّرًا فَمَحَلُّهُ فِي رَقَبَتِهِ وَلَا يَقْضِي بِذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَجَعَلَهُ فِي عَبْدٍ دَبَّرَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَعَانَ بِهِ فِي عِتْقٍ.

وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَرُدُّ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا صَارَ إلَيْهِ قَدْ كَانَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بِالتَّدْبِيرِ الْمُتَضَمِّنِ لِلْعِتْقِ فَمَا ازْدَادَ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُوَجِّهَهُ إلَى مِثْلِ مَا فَاتَ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ عَمَّا كَانَ أَعْتَقَ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ مَا ازْدَادَهُ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمُشْتَرِي فَيَجِبُ أَنْ يُرَدَّ إلَيْهِ وَفِي الْمُزَنِيَّةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ وَالْمُغِيرَةِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا مَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ غَيْرِ مُدَبَّرٍ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْفَوْتِ الَّذِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ قَالَ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ مَالَكَ تَرْجِعُ عَلَيَّ إنْ كُنْتَ ظَالِمًا فَإِنَّمَا ظَلَمْت نَفْسِي يَقُولُ إنَّ الْمُدَبَّرَ إنَّمَا يُدْرِكُهُ الْعِتْقُ إنْ عَاشَ إلَى أَنْ يَمُوتَ سَيِّدُهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ سَيِّدِهِ فَلَمْ يُدْرِكْهُ الْعِتْقُ وَإِنَّ السَّيِّدَ مَمْنُوعٌ مِنْ بَيْعِهِ وَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ حِينَ تَعَدَّى وَبَاعَهُ وَذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُشْتَرِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) وَلَوْ بَاعَ السَّيِّدُ مُدَبَّرَهُ فَلَمْ يَرْفَعْ أَمْرَهُ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ فِي الْمَزنِيَّةِ إنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ الَّذِي بَاعَهُ مَالٌ فُسِخَ بَيْعُهُ وَرُدَّ إلَيْهِ وَأُخِذَ مِنْ مَالِهِ ثَمَنُهُ فَدُفِعَ إلَى الْمُبْتَاعِ وَعَتَقَ مِنْهُ مَا بَلَغَ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ وَرَقَّ بَاقِيهِ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَفَاءٌ بِدَيْنِ الْمُشْتَرِي مَضَى بَيْعُهُ قَالَ عِيسَى وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ.

(فَصْلٌ) :

فَإِنْ رَهِقَهُ دَيْنٌ فَإِنَّ غُرَمَاءَهُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى بَيْعِهِ مَا دَامَ سَيِّدُهُ حَيًّا يُرِيدُ إنْ اسْتَحْدَثَ دَيْنًا بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقُصُ التَّدْبِيرُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِذِمَّةٍ بَاقِيَةٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَإِنَّ لِلْغُرَمَاءِ مَا نَقَصَ التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ.

(فَصْلٌ) :

فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي ثُلُثِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ حَمَلَهُ عَتَقَ جَمِيعُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِل إلَّا بَعْضَهُ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ إلَّا بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُ عَبِيدِهِ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ خِلَافًا لِمَسْرُوقٍ وَالشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِمَا إنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَقْدًا يَصْرِفُ فِيهِ جَمِيعَ مَالِهِ عَنْ الْوَرَثَةِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أُمُّ الْوَلَدِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ لَهَا بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِيلَادِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْعَقْدِ وَلِذَلِكَ لَا تُبَاعُ أُمُّ الْوَلَدِ لِلدَّيْنِ الْمُتَقَدِّمِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَيُبَاعُ الْمُدَبَّرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِذَا مَاتَ الْمُدَبِّرُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِالْمُدَبَّرِ بِيعَ فِي دَيْنِهِ يُرِيدُ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا اسْتَحْدَثَهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّيْنِ مَحَلٌّ غَيْرُ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ بَطَلَتْ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ أَنَّ حُقُوقَ الْغُرَمَاءِ تَتَعَلَّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>