للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَيَنُوبُ عَمَّنْ بَقِيَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ صَوَابٌ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْقَسَامَةِ تُجْزِئُ أَيْمَانُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَوْ لَمْ يُجَوِّزْ ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ أَشْهَبُ إنْ كَانُوا ثَلَاثِينَ يَحْلِفُونَ يَمِينًا يَمِينًا، ثُمَّ يَحْلِفُ عِشْرُونَ مِنْهُمْ عِشْرِينَ يَمِينًا وَلَوْ كَانُوا مِائَةً مُتَسَاوِينَ أَجْزَأَ يَمِينُ خَمْسِينَ قَالَ وَأَمَّا إذَا تَشَاحَّ الْأَوْلِيَاءُ وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يَحْمِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا إذَا كَانَ إمْسَاكُ مَنْ أَمْسَكَ عَنْ الْيَمِينِ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَنْهُ وَأَمَّا إنْ امْتَنَعَ عَنْ الْيَمِينِ فَتَسْقُطُ الدِّيَةُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ عَلَى قَتْلِ الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كَأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّهَادَةِ إذْ لَا يُقْتَلُ بِأَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ قَالَ أَشْهَبُ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَهَادَةِ رَجُلٍ فِي الزِّنَا يَمِينًا مِنْ الزَّوْجِ فِي الْتِعَانِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ النِّسَاءُ فِي الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يَشْهَدْنَ فِيهِ وَإِنَّمَا عَرَضَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَمَاعَةٍ وَالْجَمَاعَةُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةُ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، وَأَصْلُ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ لِلْحَارِثِيَّيْنِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» وَإِنَّمَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ رَجُلًا وَاحِدًا وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ أَخُو الْمَقْتُولِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَإِنَّمَا كَانَ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةَ ابْنَيْ عَمٍّ فَلَمَّا عَلَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَيْمَانَ بِجَمَاعَتِهِمْ وَلَمْ يَقْصُرْهَا عَلَى وَلِيِّ الدَّمِ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ إلَّا فِي حُكْمِ الْجَمَاعَةِ وَأَقَلُّ الْجَمَاعَةِ اثْنَانِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِآيَةِ الْمِيرَاثِ فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْأَخَوَيْنِ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ كَمَا يَفْعَلُ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْإِخْوَةِ وَلَا يَحْجُبُهَا الْأَخُ الْوَاحِدُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْإِخْوَةِ لَا يَتَنَاوَلُهُ.

(فَرْقُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ وُلَاةِ الْقَتِيلِ لَا يُقْسِمُ مِنْهُمْ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَيُقْسِمُ مِنْ جَنْبَةِ الْقَاتِلِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْقَاتِلُ أَنَّ جَنْبَةَ الْقَتِيلِ إذَا عَدِمَ مِنْهُمْ اثْنَانِ وَبَطَلَتْ الْقَسَامَةُ فِي جَنْبَتِهِ فَرَجَعَتْ فِي جَنْبَةِ الْقَاتِلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ مِنْ جِهَتِهِمْ كَانَ لِلطَّالِبِ بِالدَّمِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَهُوَ أَيْمَانُ الْقَاتِلِ وَأَوْلِيَائِهِ وَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْ الْقَاتِلِ وَقَدْ يَعْدَمُ أَوْلِيَاءَ يَحْلِفُونَ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَبْرِئَةِ نَفْسِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا كَانَ وُلَاةُ الدَّمِ اثْنَيْنِ حَلَفَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ الْأَيْمَانِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ أَحَدٌ فِي الْعَمْدِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ يَمِينًا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَلَهُمَا أَنْ يَسْتَعِينَا بِمَنْ أَمْكَنَهُمَا مِنْ الْعَصَبَةِ وَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبَ يَحْلِفُونَ بِقَدْرِ عَدَدِهِمْ مَعَ الْمُعَيَّنِينَ فَإِنْ حَلَفَ الْأَوْلِيَاءُ أَكْثَرَ مِمَّا يَنُوبُهُمْ فِي الْعَدَدِ مَعَ الْمُعَيَّنِينَ جَازَ ذَلِكَ وَإِنْ حَلَفَ الْمُعَيَّنُونَ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ النُّكُولِ وَأَمَّا إذَا تَسَاوَوْا عَلَى حَسَبِ الْعَدَدِ أَوْ كَانَتْ أَيْمَانُ الْوُلَاةِ أَكْثَرَ فَإِنَّهَا عَلَى وَجْهِ الْعَوْنِ لِلْوُلَاةِ وَلَوْ حَلَفَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ اسْتَعَانَ الْآخَرُ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْعَصَبَةِ لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يَحْلِفَ إلَّا ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَمِينًا لِأَنَّ الْمُعَيَّنِينَ تَتَوَجَّهُ مَعُونَتُهُمْ إلَيْهِ وَإِلَى صَاحِبِهِ كَمَا لَوْ حَلَفُوا قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ الْوَلِيُّ الْأَوَّلُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَاحِدًا جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ مِنْ الْعَصَبَةِ بِوَاحِدٍ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسِينَ رَجُلًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو قِلَابَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِلْحَارِثِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ ادَّعَيَا عَلَى الْيَهُودِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَدَدَ الْأَنْصَارِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَتَكُونُ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْسِيرُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَلَّ عَدَدُهُمْ أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ يُرِيدُ إنْ قَلَّ عَدَدُ الْمُعَيَّنِينَ مِنْ الْعَصَبَةِ، أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَنَكَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ مَعُونَةِ الْوَلِيِّ فَإِنَّ مَنْ بَقِيَ مَعَ الْوَلِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>