للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي عَقْلِ الْمَرْأَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ تُعَاقِلُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ أُصْبُعُهَا كَأُصْبُعِهِ، وَسِنُّهَا كَسِنِّهِ، وَمُوضِحَتُهَا كَمُوضِحَتِهِ، وَمُنَقِّلَتِهَا كَمُنَقِّلَتِهِ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، وَبَلَغَهُ عَنْ

ــ

[المنتقى]

الْمَجْمُوعَةِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ إنْ لَمْ يُخَالِفْ، وَكَذَلِكَ مُعَلِّمُ الْكِتَابِ وَالصَّنْعَةِ إنْ ضَرَبَ الصَّبِيَّ لِلتَّأْدِيبِ الضَّرْبَ الْمُعْتَادَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِمِثْلِ هَذَا، وَمَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ جَاوَزَ الْمُعْتَادَ مِثْلَ أَنْ يَقْطَعَ الْخَاتِنُ الْحَشَفَةَ أَوْ يَضْرِبَ الْمُعَلِّمُ لِغَيْرِ أَدَبٍ تَعَدِّيًا أَوْ يَتَجَاوَزَ فِي الْأَدَبِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْحَجَّامُ يَقْطَعُ حَشَفَةَ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ أَوْ يُؤْمَرَ بِقَطْعِ يَدٍ فِي قِصَاصٍ فَيَقْطَعَ غَيْرَهَا أَوْ زَادَ فِي الْقِصَاصِ عَلَى الْوَاجِبِ فَإِنَّهُ مِنْ الْخَطَإِ مَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ، وَمَا بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ سَوَاءٌ عَمِلَ ذَلِكَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْمُزَنِيَّةِ فِي الطَّبِيبِ يَخْتِنُ فَيَقْطَعُ الْحَشَفَةَ سَوَاءٌ غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَغُرَّ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ فِي فِعْلٍ مَأْذُونٌ فِيهِ لَمْ يُعْلَمْ تَعَمُّدُهُ فَكَانَ لَهُ حُكْمُ الْخَطَإِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فَافْتَضَّهَا فَجُرِحَ وَحُكُومَتُهُ فِي مَالِهِ إنْ قَصُرَ عَنْ الثُّلُثِ فَإِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعَدِّي فِي فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ لَكِنَّهُ بَلَغَ مِنْهُ فَوْقَ الْمُبَاحِ فَحُرِّمَ أَثَرُهُ عَلَيْهَا فَكَانَ لَهُ حُكْمُ الْخَطَإِ، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا بِأَجْنَبِيَّةٍ كَانَ فِي مَالِهِ، وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ مَعَ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَالْحَدِّ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ زِنًى كَانَ فِعْلًا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ فَكَانَ أَرْشُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَمْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَلَوْ أَذْهَبَ عُذْرَةَ امْرَأَةٍ بِأُصْبُعِهِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ قَدْرُ مَا شَأْنَهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ فِي حَالِهَا وَجَمَالِهَا مَعَ نِصْفِ الصَّدَاقِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَنَاوُلَ ذَلِكَ بِأُصْبُعِهِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَكَانَ كَالْجُرْحِ فَعَلَيْهِ مَا شَأْنَهَا بِهِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قِيمَةُ الصَّدَاقِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَطْءٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا يَسْقِيهِ الطَّبِيبُ مِنْ الدَّوَاءِ فَيَمُوتُ مَنْ شَرِبَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا عِلْمَ لَهُ، وَقَدْ غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَقَدْ قَالَ عِيسَى لَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

وَقَدْ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٍّ يَسْقِي مُسْلِمًا دَوَاءً فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ سَقَاهُ شَيْئًا لِيَقْتُلَهُ بِهِ، وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ سَقَاهُ طَبِيبٌ دَوَاءً فَمَاتَ، وَقَدْ سَقَى أَمَةً قَبْلَهُ فَمَاتَتْ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَيْهِمْ الْإِمَامُ وَضَمِنُوا كَانَ حَسَنًا.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَتَقَدَّمُ إلَيْهِمْ الْإِمَامُ فِي قَطْعِ الْعِرْقِ وَشِبْهِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَخُوفَةِ أَنْ لَا تُقْدِمُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْعِلَاجِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ عِيسَى إلَى أَنَّ مَنْ غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَا عِلْمَ لَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَزَادَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْأَمْرَ فِيمَنْ هَذِهِ حَالُهُ التَّقَدُّمُ إلَيْهِمْ، وَالْإِعْذَارُ إلَيْهِمْ أَنْ لَا يُقْدِمُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إنْ جَرَى مِنْهُمْ شَيْءٌ ضَمِنُوهُ، وَصِفَةُ التَّقَدُّمِ إلَيْهِمْ فِيمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ أَيُّمَا طَبِيبٍ سَقَى أَحَدًا أَوْ طَبَّهُ فَمَاتَ ضَمِنَهُ، وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ لِيُنْذِرَهُمْ، وَيَقُولَ مَنْ دَاوَى رَجُلًا فَمَاتَ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ، وَأَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ إذَا أُنْذِرُوا، وَاعْتَبَرَ ابْنُ نَافِعٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ بِالْفَوْرِ مِنْ عِلَاجِهِ فَقَالَ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَسْقِيَ صَحِيحًا فَيَمُوتَ مَكَانَهُ فَهَذَا سُمٌّ أَوْ يَقْطَعَ عِرْقًا فَلَا يَزَالُ يَسِيلُ دَمُهُ حَتَّى يَمُوتَ، وَأَمَّا مَنْ يُعَالِجُ الْمَرْضَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَعِيشُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُوتُ فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ سَقَى رَجُلٌ جَارِيَةً بِهَا بُهْرٌ شَيْئًا فَمَاتَتْ مِنْ سَاعَتِهَا فَهَلْ هَذَا الِاسْمُ، وَلَا يَضْمَنُوا قَبْلَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِمْ فَاعْتَبَرَ ابْنُ مُزَيْنٍ أَمْرَيْنِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِ، وَأَمَّا إذَا تَرَاخَى ذَلِكَ، وَاخْتَلَفَ حَالُهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَهَذَا لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>