للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقَعُ عَلَى جَارِيَةِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ أَنَّهُ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ، وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ حَمَلَتْ أَوْ لَمْ تَحْمِلْ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِ رَجُلٍ خَرَجَ بِجَارِيَةٍ لِامْرَأَتِهِ مَعَهُ فِي سَفَرٍ فَغَارَتْ امْرَأَتُهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: وَهَبَتْهَا لِي فَقَالَ عُمَرُ لَتَأْتِينِي بِالْبَيِّنَةِ أَوْ لَأَرْمِيَنَّكَ بِالْحِجَارَةِ قَالَ فَاعْتَرَفَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّهَا وَهَبَتْهَا لَهُ) .

ــ

[المنتقى]

وَطْأَهَا بِغَيْرِ عَقْدٍ إلَّا مُجَرَّدَ الْإِبَاحَةِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أُعِيرُكهَا تَطَؤُهَا وَرَقَبَتُهَا لِي فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِحْلَالٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ حَلَالٍ وَلَكِنَّهُ أَذِنَ فِي الْوَطْءِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْوَاطِئَ يَلْزَمُهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ، وَلَا تَرْجِعُ إلَى رَبِّهَا كَانَ لِلْوَاطِئِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَيَتَّبِعُهُ فِي عَدَمِهِ فَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ، زَادَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَوْ بِيعَتْ فِي الْقِيمَةِ إذَا لَمْ تَحْمِلْ لَمْ يَجُزْ لِلْمُبِيحِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ إعَارَةِ الْفَرْجِ غَيْرُ مُبَاحٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا فَاتَ صُحِّحَ بِتَمْلِيكِ الْوَاطِئِ الرَّقَبَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ نِكَاحٍ إلَّا بِذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أُخْدِمَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَقَدْ رَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ مَا دَرَأْت بِهِ الْحَدَّ عَنْ الْمُخْدَمِ فَإِنَّهُ تَكُونُ لَهُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ إذَا حَمَلَتْ وَكَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَهِيَ لِرَبِّهَا وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِأَبِيهِ وَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ أَنْ أَيْسَرَ وَذَلِكَ فِيمَا كَثُرَ مِنْ التَّعْمِيرِ كَالسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ، وَأَمَّا فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ كَالشَّهْرِ وَنِصْفِ الشَّهْرِ فَيُحَدُّ وَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ طُولَ الْمُدَّةِ شُبْهَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ مِنْهَا مَا مَنَعَ سَيِّدَهَا مِنْ بَيْعِهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَأَمَّا الْمُدَّةُ الْيَسِيرَةُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ شُبْهَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ السَّيِّدَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَمَرَ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ فَاشْتَرَاهَا لِلْآمِرِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، ثُمَّ وَطِئَهَا فَحَمَلَتْ فَهُوَ زَانٍ، وَيَأْخُذُ الْآمِرُ الْأَمَةَ وَوَلَدُهَا رَقِيقٌ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْآمِرَ قَدْ مَلَكَهَا بِالشِّرَاءِ فَلَا تَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ أَنَّ الْأَبَ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَهُ فِي مَالِ ابْنِهِ حَقٌّ فَكَانَ كَالشَّرِيكِ يَطَأُ جَارِيَةً لَهُ فِيهَا شِرْكٌ فَيُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ بِمَا لَهُ فِيهَا مِنْ الْحَقِّ، وَتُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ وَلَا يَلْزَمُ تَقْوِيمُهَا عَلَى الشَّرِيكِ إلَّا أَنْ تَحْمِلَ، وَذَلِكَ أَنَّ وَطْءَ الْأَبِ يُحَرِّمُهَا عَلَى الِابْنِ، وَلَا يُحَرِّمُ وَطْءُ الشَّرِيكِ الْأَمَةَ عَلَى شَرِيكِهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ الْخَارِجَ بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ فِي السَّفَرِ أَصَابَهَا فَرَفَعَتْ ذَلِكَ امْرَأَتُهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا رَفَعَتْ ذَلِكَ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَشْهَدَتْ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ أَهْلَ الْعَدْلِ، وَإِلَّا كَانَتْ قَاذِفَةً لَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَطْءَ وَالشِّرَاءَ وَيُحْتَمَلُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا وَقَوْلُ الرَّجُلِ وَهَبَتْهَا لِي ادِّعَاءٌ لِإِبَاحَةِ وَطْئِهِ إيَّاهَا مَعَ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إنَّمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ قَالَ اشْتَرَيْت أَمَةَ فُلَانٍ فَوَطِئْتهَا لَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً بِالشِّرَاءِ، وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَعَ امْرَأَةٍ يَطَؤُهَا فَيَقُولُ أَمَتِي فَهَذَا الَّذِي يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ طَارِئًا، وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ امْرَأَةٍ وَادَّعَى النِّكَاحَ حُدَّ وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا رُجِمَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ عَلَيْهِ مَعْنًى يُوجِبُ الْحَدَّ كَمَا لَوْ ثَبَتَ الْوَطْءُ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَا لِصَاحِبِهِ الرُّجُوعُ عَنْهُ لِوَجْهٍ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَلِغَيْرِ وَجْهٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، فَلِذَلِكَ أَثَّرَ فِيهِ ادِّعَاءُ الْإِبَاحَةِ، وَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْجِمَاعِ لَمْ يَكُنْ لِلزَّانِي الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ إلَى وَجْهٍ وَلَا إلَى غَيْرِ وَجْهٍ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِبَاحَةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى فِيمَنْ بِيَدِهِ جَارِيَةٌ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، وَقَالَ اشْتَرَيْتهَا فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ قَالَ اشْتَرَيْتهَا مِنْك وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِالشِّرَاءِ فَقَامَ رَجُلٌ يَدَّعِيهَا، وَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي شِرَاءَ الْجَارِيَةِ جَائِزًا لَهَا لَمْ يُحَدَّ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ شَاهِدًا يَحْلِفُ السَّيِّدُ مَا بَاعَ وَيَأْخُذُهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَزَادَ وَقَدْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>