للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ وَقِيلَ إذَا كَانَ قِيمَةُ مَا فِيهِ مِنْ الصَّنْعَةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ، وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ وَقَالَ مَالِكٌ لَا قَطْعَ فِي الْمَيْتَةِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِانْتِفَاعِ بِعَظْمِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ سَرَقَ صَلِيبًا مِنْ خَشَبَةٍ أَوْ تِمْثَالًا مِنْ كَنِيسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ صَلِيبٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ سَرَقَهُ مُسْلِمٌ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ ذِمِّيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ سَرَقَ كَلْبًا نُهِيَ عَنْ اتِّخَاذِهِ لَمْ يُقْطَعْ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ إذَا كَانَ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ، وَإِنْ كُنْت أَنْهَى عَنْ بَيْعِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا قَطْعَ فِي كَلْبٍ لِصَيْدٍ وَلَا لِغَيْرِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ سَرَقَ لَحْمَ أُضْحِيَّةٍ أَوْ جِلْدَهَا فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ إنْ سَرَقَهَا قَبْلَ الذَّبْحِ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَهَا بَعْدَ الذَّبْحِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي فَلَسٍ وَلَا تُورَثُ مَالًا، إنَّمَا تُورَثُ لِتُؤْكَلَ، وَإِنْ سَرَقَهَا مِمَّنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ قُطِعَ؛ لِأَنَّ الْمُعْطِيَ قَدْ مَلَكَهَا، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ سَرَقَ مِزْمَارًا أَوْ عُودًا أَوْ دُفًّا أَوْ كَبَرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَلَاهِي فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْكَسْرِ رُبْعَ دِينَارٍ، وَكَانَ فِيهَا فِضَّةٌ زِنَةُ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلِمَ بِهَا السَّارِقُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قُطِعَ سَرَقَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ كَسْرَهَا عَلَيْهِمْ إذَا أَظْهَرُوهَا، وَأَمَّا الدُّفُّ وَالْكَبَرُ فَإِنَّهُ يُرَاعَى قِيمَتُهُمَا صَحِيحَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَرْخَصَ فِي اللَّعِبِ بِهِمَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَيُقْطَعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْمَاءُ إذَا أُحْرِزَ لِوُضُوءٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْحَطَبُ وَالْعَلَفُ وَالتِّبْنُ وَالْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَالرُّمَّانُ وَالرَّمَادُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسُرِقَ مِنْ حِرْزِهِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ قِيمَتُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِيعَ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، وَأَنَّ ذَلِكَ الْعَدَدَ قِيمَتُهُ وَنِسْبَتُهُ لَقِيمَتِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ مُتَعَلِّقٌ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ النِّصَابَ مِنْ الْوَرِقِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَمِنْ الذَّهَبِ رُبْعُ دِينَارٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ الْحَدِيثُ الْمَنْصُوصُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ مَا طَالَ عَلَيَّ وَمَا نَسِيت الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ لِلْوَرِقِ مَدْخَلًا فِي نِصَابِ الْقَطْعِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا تَعَلُّقَ لِلنِّصَابِ بِالْوَرِقِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» ، وَهَذَا يُفِيدُ الِاعْتِبَارَ بِالْوَرِقِ، وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ أَصْلُ مَالٍ مِنْ جِنْسِ أُصُولِ الْأَثْمَانِ وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ فَاعْتُبِرَ بِهَا فِي نِصَابِ الْقَطْعِ كَالذَّهَبِ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعُرُوضَ تُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الذَّهَبِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا سُرِقَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ سَارِقُهُ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهُ مِنْ الذَّهَبِ رُبْعَ دِينَارٍ، وَإِذَا قَصُرَ عَنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ بَلَغَ رُبْعَ دِينَارٍ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ يَجْرِي الذَّهَبُ أَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ هَذَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ الْوَرِقُ، وَإِذَا كَانَ تَعَامُلُهُمْ بِالذَّهَبِ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ بِالذَّهَبِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ هِيَ الَّتِي جَرَى الْعُرْفُ بِالتَّعَامُلِ بِهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِهَا فِي قِيمَتِهِ، وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَإِنَّ نِصَابَهَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُتَعَامَلَ بِهَا بِالدَّنَانِيرِ فِي بَلَدِ الذَّهَبِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي قِيمَةِ الْعُرُوضِ بِمَا تُبَاعُ بِهِ غَالِبًا فِي بَلَدِ التَّقْوِيمِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا اُعْتُبِرَ بِهِ النِّصَابُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى وَزْنِهِمَا كَانَ ذَلِكَ دَنِيئًا أَوْ جَيِّدًا نَقْرَةً كَانَ أَوْ تِبْرًا قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَرُجْ بِرَوَاجِ الْعَيْنِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ أَوْ حُلِيًّا وَلَا يُنْظَرُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>