للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَكَذَلِكَ مُنَاخُ الْبَعِيرِ حِرْزٌ لَهُ فَمَنْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ لَهُ حُكْمُ السَّارِقِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْغَسَّالُ يَغْسِلُ الثِّيَابَ فَيَنْشُرُهَا عَلَى الشَّجَرِ فَيَسْرِقُ مِنْهَا أَوْ يَسْرِقُ مَا عَلَى حِبَالِ الصَّبَّاغِينَ مِنْ الثِّيَابِ الْمَنْشُورَةِ فِي الطَّرِيقِ رَوَى فِي الْمَوَّازِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ لَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْقَطْعُ فِيهَا وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونَ وَأَصْبَغَ فِيمَنْ سَرَقَ حِبَالَ الْغَسَّالِ أَوْ سَرَقَ لِلْغَسَّالِ ثِيَابًا يُقْطَعُ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا اُحْتُجَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لَا تُوضَعُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْحِفْظِ لَهَا، وَإِنَّمَا تُوضَعُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ مَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاشِيَةِ فِي الْمَرْعَى لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَهَا، وَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَهَا مِنْ حِرْزِهَا وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْحِفْظِ، وَلَيْسَ مَا قُصِدَ مِنْ تَجْفِيفِهَا بِمَانِعٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حِرْزًا لَهَا كَالثِّيَابِ الَّتِي تُوضَعُ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَانِعٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ حِرْزًا لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ حِرْزٌ لَهُ بِانْفِرَادِهِ وَمِنْ الْمَوْضِعِ مَا لَا يَكُونُ حِرْزًا إلَّا بِشَهَادَةِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ أَوْ قُرْبِهِ مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ ذِكْرِ ذَلِكَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَا اتَّخَذَهُ صَاحِبُهُ مُسْتَقَرًّا فَإِنَّهُ يَكُونُ حِرْزًا، وَإِنْ غَابَ صَاحِبُهُ عَنْهُ وَمَا لَمْ يَتَّخِذْهُ مَنْزِلًا وَلَا قَرَارًا وَإِنَّمَا وَضَعَ فِيهِ مَا ثَقُلَ عَلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِهِ لِذَهَابِهِ إلَى مَوْضِعٍ أَوْ مُحَاوَلَةَ أَمْرٍ حَتَّى تَفْرُغَ فَيَأْخُذَهُ، أَوْ وَضَعَهُ مِنْ يَدِهِ إلَى أَنْ يَقُومَ فَيَحْمِلَهُ فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ حِرْزًا إلَّا مَعَ كَوْنِهِ مَعَهُ وَحِفْظِهِ لَهُ هُوَ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ عُدِمَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا،.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِي مَطَامِيرَ بِالْفَلَاةِ يُحْرَزُ فِيهَا الطَّعَامُ، وَتُعَمَّى حَتَّى لَا تُعْرَفَ فَهَذَا لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَطْمَرُ بَيْتًا مَعْرُوفًا بِحَضْرَةِ أَهْلِهِ، قُطِعَ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي أَخْفَى مَكَانَهُ لَمْ يَجْعَلْهُ حِرْزًا وَلَا اعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ عَلَى إخْفَائِهِ وَسَتْرِهِ، وَاَلَّذِي تُرِكَ ظَاهِرًا أَوْ كَانَ بِقُرْبِ مَنْزِلِهِ إنَّمَا اعْتَمَدَ فِي حِفْظِهِ طَعَامَهُ عَلَى مَوْضِعِهِ مَعَ قُرْبِهِ مِنْ مُرَاعَاتِهِ فَثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْحِرْزِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ طَرَحَ ثَوْبًا بِالصَّحْرَاءِ، وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فَسَرَقَ فَإِنْ كَانَ مَنْزِلًا يَنْزِلُهُ قُطِعَ سَارِقُهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ طَرَحَهُ بِمَوْضِعِ ضَيْعَةٍ فَلَا قَطْعَ فِيهِ، وَإِنْ طَرَحَهُ بِقُرْبٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ خِبَائِهِ أَوْ مِنْ خِبَاءِ أَصْحَابِهِ لَقُطِعَ مَنْ سَرَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْخِبَاءِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا طَرَحَهُ بِالْفَلَاةِ، وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ مَنْزِلًا لَهُ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى الْمَوْضِعِ فِي حِفْظِهِ، وَلَا ثَبَتَ لِلْمَوْضِعِ حُكْمُ الْحِرْزِ وَإِنْ نَزَلَ بِمَوْضِعٍ اتَّخَذَهُ مَحَلًّا ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْحِرْزِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى حِفْظِ أَسْبَابِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَضَعَهُ بِقُرْبِهِ أَوْ بِقُرْبِ خِبَائِهِ أَوْ بِقُرْبِ خِبَاءٍ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ اعْتَمَدَ فِي حِفْظِهِ عَلَى مَوْضِعِهِ، وَجَعَلَهُ حِرْزًا لَهُ لِيُمْكِنَهُ مِنْ مُرَاعَاتِهِ أَوْ لِمُرَاعَاةِ أَهْلِ الْخِبَاءِ بِهِ فَمَنْ سَرَقَهُ مِمَّنْ لَا يُشَارِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ ثَبَتَ فِي حَقِّهِ الْقَطْعُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ صَبِيٌّ عَلَى دَابَّةٍ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَسَرَقَ رَجُلٌ رِكَابَيْ سَرْجِهَا فَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ الصَّبِيُّ نَائِمًا وَكَانَ مُسْتَيْقِظًا فَعَلَى سَارِقِهَا الْقَطْعُ، وَإِنْ كَانَ نَائِمًا فَيُشْبِهُ أَنْ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ كَانَ نَائِمًا فَلَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَوْضِعَ لَمْ يَنْزِلْهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ فَلَيْسَ بِحِرْزٍ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ حِرْزًا يَحْفَظُ الصَّبِيَّ مَا دَامَ يَقْظَانَ فَإِذَا نَامَ مَعَ كَوْنِهِ صَبِيًّا زَالَ عَنْ الْمَوْضِعِ حُكْمُ الْحِرْزِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ فِيمَنْ نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَتَرَكَهَا تَرْعَى، فَسَرَقَ رَجُلٌ سَرْجَهَا مِنْ عَلَيْهَا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ كَمَنْ سَرَقَ شَيْئًا كَانَ مَعَ صَبِيٍّ لَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ.

وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ سَرَقَ قُرْطًا مِنْ أُذُنِ صَبِيٍّ أَوْ سِوَارًا عَلَيْهِ وَمَعَهُ، فَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا يُحْرِزُ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَحَدٌ يَحْفَظُهُ قُطِعَ السَّارِقُ، وَإِنْ لِمَ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ يَخْدُمُهُ أَوْ يَصْحَبُهُ فَلَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ فِي حِرْزٍ فَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ وَيُحْرِزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>