للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي اعْتِرَافِ الْعَبِيدِ أَنَّهُ مَنْ اعْتَرَفَ مِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِشَيْءٍ يَقَعُ الْحَدُّ فِيهِ أَوْ الْعُقُوبَةُ فِيهِ فِي جَسَدِهِ فَإِنَّ اعْتِرَافَهُ جَائِزٌ عَلَيْهِ، وَلَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنْ يُوقِعَ عَلَى نَفْسِهِ هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا مَنْ اعْتَرَفَ مِنْهُمْ بِأَمْرٍ يَكُونُ غُرْمًا عَلَى سَيِّدِهِ فَإِنَّ اعْتِرَافَهُ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى سَيِّدِهِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَى الْأَجِيرِ وَلَا عَلَى الرَّجُلِ يَكُونَانِ مَعَ الْقَوْمِ يَخْدِمَانِهِمْ إنْ سَرَقَاهُمْ قُطِعَ؛ لِأَنَّ حَالَهُمَا لَيْسَتْ بِحَالِ السَّارِقِ، وَإِنَّمَا حَالُهُمَا حَالُ الْخَائِنِ وَلَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ قَطْعٌ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ فَيَجْحَدُهَا إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَجَحَدَهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا جَحَدَهُ قَطْعٌ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي السَّارِقِ يُوجَدُ فِي الْبَيْتِ قَدْ جَمَعَ الْمَتَاعَ، وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَمْرًا لِيَشْرَبَهَا فَلَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ، وَمَثَلُ ذَلِكَ رَجُلٌ جَلَسَ مِنْ امْرَأَةٍ مَجْلِسًا، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَهَا حَرَامًا فَلَمْ يَفْعَلْ، وَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ مِنْهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ حَدٌّ، قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخِلْسَةِ قَطْعٌ بَلَغَ ثَمَنُهَا مَا يُقْطَعُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ) .

ــ

[المنتقى]

الْوَاحِدَةَ تُجْزِئُ فِي ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ مَنْ اعْتَرَفَ مِنْ الْعَبِيدِ بِشَيْءٍ يُوجِبُ عُقُوبَةً فِي جِسْمِهِ كَالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحُدُودِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ نَافِذٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ يُوجِبُ إقْرَارُهُ نَقْلَ رَقَبَتِهِ إلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ مِثْلَ أَنْ يُقِرَّ بِجِنَايَةٍ خَطَأً، أَوْ يُقِرَّ بِمَا يُوجِبُ غُرْمًا عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ أَوْ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ سَيِّدُهُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَذَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ إذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِالسَّرِقَةِ وَأَنْكَرَ سَيِّدُهُ قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ وَالْمَالُ لِلسَّيِّدِ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ: إنَّ الْأَجِيرَ وَالْخَادِمَ الْمُؤْتَمَنَ عَلَى الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ لَا قَطْعَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ أَخْذَ هَؤُلَاءِ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْخِيَانَةِ وَالْخَائِنُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَتَاعِ قَدْ ائْتَمَنَهُمْ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَا سَرَقُوهُ فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ يَجْحَدُ وَيَخُونُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ مِنْ شُرُوطِهَا الْحِرْزُ، وَمَنْ أُبِيحَ لَهُ الْوُصُولُ إلَى مَوْضِعٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ حِرْزًا.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِي جَحْدِ الْعَارِيَّةِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مُؤْتَمَنٌ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَطْعُ بِجَحْدِ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ كَالْمُودَعِ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ السَّارِقَ إذَا دَخَلَ الْحِرْزَ فَوَجَدَ الْمَتَاعَ فَأَخَذَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ سَرِقَتَهُ لَمْ تَتِمَّ بَعْدُ بِإِخْرَاجِ الْمَتَاعِ مِنْ الْحِرْزِ وَنَقْلِهِ عَنْهُ، وَلَوْ قَرُبَ الْمَتَاعُ إلَى بَابِ الْحِرْزِ فَنَاوَلَهُ آخَرَ خَارِجًا مِنْ الْحِرْزِ قُطِعَ الَّذِي دَخَلَ بِهَا، وَعُوقِبَ الْمُقَرِّبُ لِلْمَتَاعِ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الَّذِي يُقَرِّبُ الْمَتَاعَ إلَى النَّقْبِ يَتْرُكُهُ فَيُدْخِلُ صَاحِبُهُ مِنْ خَارِجِ الْحِرْزِ يَدَهُ فَيَأْخُذُهُ أَنَّ الْقَطْعَ عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ يُقْطَعُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا يُقْطَعُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهَا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْقَطْعَ يَجِبُ بِهَتْكِ حُرْمَةِ الْحِرْزِ وَإِخْرَاجِ السَّرِقَةِ مِنْهُ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ مِنْ الْخَارِجِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ الْقَطْعُ.

وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ الْخَارِجُ إلَى الْحِرْزِ فَنَاوَلَهُ الدَّاخِلُ قُطِعَا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذَ الدَّاخِلُ فِي الْحِرْزِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ اجْتَمَعَتْ أَيْدِيهِمَا فِي الْبَيْتِ فِي الْمُنَاوَلَةِ قُطِعَا جَمِيعًا فَيَحْتَمِلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْوِفَاقَ لِقَوْلِ أَشْهَبَ وَأَنَّهُ إذَا قَرَّبَهُ إلَى النَّقْبِ وَلَمْ يُنَاوِلْهُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَنَاوَلَهُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الدَّاخِلِ يَرْبِطُ الْمَتَاعَ لِيُخْرِجَهُ الْخَارِجُ فَالْحَقُّ أَنَّهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>