للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ: «اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ عَائِشَةُ وَأَنَا مَعَهُ فِي الْبَيْتِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ سَمِعْت ضَحِكَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلُ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْت فِيهِ مَا قُلْت، ثُمَّ لَمْ تَنْشَبْ أَنْ ضَحِكْت مَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ مَنْ اتَّقَاهُ النَّاسُ لِشَرِّهِ» ) .

ــ

[المنتقى]

يَعْنِيهِ فَيَشْتَغِلُ بِهِ وَرُبَّمَا شَغَلَهُ عَمَّا يَعْنِيهِ أَوْ أَدَّاهُ إلَى مَا يَلْزَمُهُ اجْتِنَابُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

وَقَدْ قَالَ حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ ثُلُثُ الْإِسْلَامِ، وَالثُّلُثُ الْآخَرُ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، وَالثُّلُثُ الثَّالِثُ «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ فَمَنْ تَرَكَ مَا تَشَابَهَ كَانَ أَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ أَلْقَيْت هَذَا النَّعْلَ، وَأَخَذْت آخَرَ جَدِيدًا فَقَالَ لَهُ نَعْلِي جَاءَتْ بِك هَاهُنَا أَقْبِلْ عَلَى حَاجَتِك.

(ش) : قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُسْتَأْذِنِ «بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ» قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيّ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْأَحْمَقُ الْمُطَاعُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ يُرِيدُ عَشِيرَتَهُ وَتَصِفُ الْعَرَبُ الرَّجُلَ بِأَنَّهُ ابْنُ الْعَشِيرَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ ابْنٌ مِنْهَا أَوْ وَصَفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ لِيَعْلَمَ بِحَالِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَعْلَمَ بِحَالِهِ لِيَحْذَرَ أَمْرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ ضَحِكَ مَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِئْلَافِ لَهُ وَدَفْعِ مَضَرَّتِهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ إذَا أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَعْلَمُوا مَا لِلْعَبْدِ عِنْدَ رَبِّهِ فَانْظُرُوا مَاذَا يَتْبَعُهُ مِنْ حُسْنِ الثَّنَاءِ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي «أَنَّ الْمَرْءَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الْقَائِمِ بِاللَّيْلِ الظَّامِئِ بِالْهَوَاجِرِ» ) .

(ش) : قَوْلُهُ إذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَعْلَمُوا مَا لِلْعَبْدِ عِنْدَ رَبِّهِ أَرَادَ بِهِ مِنْ الْغُفْرَانِ أَوْ الْعِقَابِ أَوْ الرِّضَى عَنْهُ أَوْ السَّخَطِ عَلَيْهِ فَانْظُرُوا مَا يَتْبَعُهُ مِنْ حُسْنِ الثَّنَاءِ قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ يُرِيدُ فِي الْحَيَاةِ، وَفِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى يُرِيدُ مَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ مِنْ ذِكْرِهِ فَإِنْ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ الثَّنَاءَ الْجَمِيلَ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صَلَاحِ مَا يَصِيرُ إلَيْهِ، وَإِنْ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ الذِّكْرَ الْقَبِيحَ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى شَدِيدِ مَا يَصِيرُ إلَيْهِ، وَهَذَا إنَّمَا يُرِيدُ بِهِ الذِّكْرَ الشَّائِعَ عَنْهُ مِنْ جُمْهُورِ النَّاسِ وَأَهْلِ الدِّينِ وَالْخَيْرِ، وَأَمَّا مَا يَنْفَرِدُ بِهِ الْوَاحِدُ وَأَهْلُ الضَّلَالِ وَالْفِسْقِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْإِنْسَانِ الْعَدُوُّ فَيَتْبَعُهُ بِالذِّكْرِ الْقَبِيحِ، وَأَمَّا أَهْلُ الضَّلَالِ فَلَا يَذْكُرُونَ أَهْلَ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ إلَّا بِالشَّرِّ، وَإِنَّمَا الْأَمْرُ عَلَى مَا قَدَّمْته وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «أَنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الْقَائِمِ بِاللَّيْلِ الظَّامِئِ بِالْهَوَاجِرِ» يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الْمُتَنَفِّلِ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِصَبْرِهِ عَلَى الْأَذَى وَكَفِّهِ عَنْ أَذَى غَيْرِهِ وَالْمُعَارَضَةِ عَلَيْهِ مَعَ سَلَامَةِ صَدْرِهِ مِنْ الْغِلِّ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ مُجَامَلَةُ الزَّوْجَةِ وَالْأَهْلِ وَمُعَاشَرَتِهِمْ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِمْ قَالَ مَالِكٌ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُحْسِنَ إلَى أَهْلِ دَارِهِ حَتَّى يَكُونَ أَحَبَّ النَّاسِ إلَيْهِمْ، قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامٍ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ عِيَالُهُ، وَيَلْبَسَ ثِيَابًا لَا يَكْسُوهُمْ مِثْلَهَا، وَلَكِنْ يَكْسُوهُمْ وَيُطْعِمُهُمْ مِنْهُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَمَّا أَدْخَلَ دَارِهِ مِنْ الطَّعَامِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَاحِشَ الْمَرْأَةَ وَلَا يُكْثِرَ مُرَاجَعَتَهَا وَلَا تَرْدَادَهَا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْمَرْأَةُ كَالضَّبُعِ إنْ أَقَمْتهَا كَسَرْتهَا، وَإِنْ اسْتَمْتَعْت بِهَا اسْتَمْتَعْت بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ» ، وَرَوَى أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>