وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ» مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ «أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَى عِفْرِيتًا مِنْ الْجِنِّ يَطْلُبُهُ بِشُعْلَةٍ مِنْ نَارٍ كُلَّمَا الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَآهُ فَقَالَ: لَهُ جِبْرِيلُ أَفَلَا أُعَلِّمُك كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ إذَا قُلْتهنَّ طُفِئَتْ شُعْلَتُهُ وَخَرَّ لِفِيهِ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلَى فَقَالَ: جِبْرِيلُ فَقُلْ أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ اللَّاتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ وَشَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَشَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَشَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ فِتَنِ اللَّيْلِ وَمِنْ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ» )
ــ
[المنتقى]
وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ» مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ «أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَى عِفْرِيتًا مِنْ الْجِنِّ يَطْلُبُهُ بِشُعْلَةٍ مِنْ نَارٍ كُلَّمَا الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَآهُ فَقَالَ: لَهُ جِبْرِيلُ أَفَلَا أُعَلِّمُك كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ إذَا قُلْتهنَّ طُفِئَتْ شُعْلَتُهُ وَخَرَّ لِفِيهِ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلَى فَقَالَ: جِبْرِيلُ فَقُلْ أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ اللَّاتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ وَشَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَشَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَشَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ فِتَنِ اللَّيْلِ وَمِنْ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ» ) (ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ وَصْفُهَا بِالتَّمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَحْتَمِلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا نَقْصٌ وَإِنْ كَانَ كَلِمَاتُ غَيْرِهِ يَدْخُلُهَا النَّقْصُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الْفَاضِلَةَ يُقَالُ فُلَانٌ تَامٌّ وَكَامِلٌ أَيْ فَاضِلٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الثَّابِتَ حُكْمُهَا قَالَ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف: ١٣٧] .
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَضَبِهِ قَالَ: الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ غَضَبُ الْبَارِي تَعَالَى إرَادَتُهُ عُقُوبَةَ مَنْ غَضِبَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِقَابُهُ رَاجِعٌ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرِّ عِبَادِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ شَرَّ عَذَابِهِ مَا كَانَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى وَجْهِ الِانْتِقَامِ وَالْغَضَبِ وَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْأَمْرَاضِ وَالْآلَامِ عَلَى سَبِيلِ التَّكْفِيرِ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ عَذَابَهُ كُلَّهُ مِمَّا يُوصَفُ بِالشَّرِّ وَأَنَّ مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْأَمْرَاضِ وَالْآلَامِ مِمَّا يُكَفَّرُ بِهِ الْخَطَايَا لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ عَذَابٌ.
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ قَالَ: قَوْمٌ مَعْنَاهُ أَنْ تُصِيبنِي بِشَرٍّ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَحْضُرُونِ مِنْ قَوْلِهِمْ مَوْضِعٌ مُحْتَضَرٌ يُصَابُ النَّاسُ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ وَأَنْ يَحْضُرُونِ أَنْ يَكُونُوا مَعَ دُعَائِي فِي إبْعَادِهِمْ عَنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَمْنُوعٌ أَيْ بِهِ مَنْ يَمْنَعُهُ وَيَضُرُّ بِمَنْ يَكُونُ فِيهِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ بِهِ لَمَمٌ فَقِيلَ لَهُ إنْ شِئْت أَنْ تَقْتُلَ صَاحِبَك فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهَذَا وَهَذَا مِنْ الطِّبِّ قَالَ: وَكَانَ مَعْدِنٌ لَا يَزَالُ يُصَابُ فِيهِ إنْسَانٌ مِنْ قِبَلِ الْجِنِّ فَشَكَوْا ذَلِكَ إلَى زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَأَمَرَهُمْ بِالْأَذَانِ يُؤَذِّنُ كُلُّ إنْسَانٍ وَيَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ فَفَعَلُوا فَانْقَطَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ.
وَقَوْلُهُمْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْ أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ قَالَ: الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مَعْنَى ذَلِكَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْبَارِي تَعَالَى أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَعَوَّذَ بِهَا.
وَقَالَ: أَبُو الْحَسَنِ الْمُحَارِبِي أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ وَقَوْلُهُ الْكَرِيمُ يَحْتَمِلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْوَجْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
وَقَوْلُهُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لَا يُجَاوِزُهَا فِي التَّمَامِ أَيْ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَنْتَهِي عِلْمُ أَحَدٍ إلَى مَا يَزِيدُ عَلَيْهَا وَالْبَرُّ مَنْ كَانَ ذَا بِرٍّ مِنْ الْإِنْسِ وَغَيْرِهِمْ وَالْفَاجِرُ مَنْ كَانَ ذَا فُجُورٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَشَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا يَحْتَمِلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ فَيُصِيبُ أَهْلَ الْأَرْضِ، أَوْ يَعْرُجُ بِهِ إلَيْهَا يُرِيدُ يَعْرُجُ بِسَبَبِهِ فَيُعَاقِبُ أَهْلَ الْأَرْضِ، أَوْ بَعْضَهُمْ مِنْ أَجْلِهِ بِالشَّرِّ وَقَوْلُهُ وَشَرِّ مَا ذَرَأَ مِنْ الْأَرْضِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا خَلَقَهُ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَشَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِمَّا خَلَقَهُ فِي بَاطِنِهَا، ثُمَّ يُخْرِجُهُ مِنْهَا لِيُصِيبَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَقَوْلُهُ: وَمِنْ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الَّتِي تُصِيبُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَوْ تُخْلَقُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْفِتَنَ الَّتِي سَبَبُهَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مِمَّا يَسْتَعِينُ أَهْلُ الْفِتَنِ عَلَيْهَا بِاللَّيْلِ فَيَسْتَتِرُونَ بِهَا وَيَتَوَصَّلُونَ فِيهِ إلَيْهَا وَكَذَلِكَ النَّهَارُ وَقَوْلُهُ وَمِنْ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ الطَّارِقُ مَا جَاءَك لَيْلًا وَوَصْفَ مَا يَأْتِي بِالنَّهَارِ طَارِقًا عَلَى سَبِيلِ الْإِتْبَاعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute