للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْتَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَأَهْوَى إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ فَقِيلَ: هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَفَعَ يَدَهُ فَقُلْت: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ، قَالَ خَالِدُ فَاجْتَرَرْته فَأَكَلْته وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ» (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا نَادَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَى فِي الضَّبِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَسْت بِآكِلِهِ وَلَا بِمُحَرِّمِهِ» .

ــ

[المنتقى]

خَالَتُهُمَا «فَإِذَا ضِبَابٌ فِيهَا بَيْضٌ» وَهِيَ مِمَّا يَسْتَطِيبُهُ الْعَرَبُ مِنْهَا فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا» لِيَعْلَمَ هَلْ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْهَدِيَّةِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الصَّدَقَةِ أَوْ مِمَّا قَدْ صَارَ لَهُ مِلْكًا أَوْ لِمَنْ يَكُونُ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ هُوَ مُعَرَّضٌ بَعْدُ لِلْبَيْعِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أَهْدَتْهُ لِي أُخْتِي هُزَيْلَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَهِيَ أُمُّ حُمَيْدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْتَكَ جَارِيَتَك الَّتِي كُنْت اسْتَأْمَرْتِينِي فِي عِتْقِهَا» يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَيْمُونَةُ لَمْ تَعْلَمْ أَذَلِكَ أَفْضَلُ لَهَا أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ اسْتَأْمَرَتْهُ لَمَّا كَانَتْ جَمِيعَ مَا لَهَا حِينَ الِاسْتِئْمَارِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَا لَهَا وَاعْتَقَدَتْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَبْتَلَّ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَا لِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ لِكَوْنِهِ زَوْجَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْطِيهَا أُخْتَك وَصِلِي بِهَا رَحِمَك تَرْعَى عَلَيْهَا فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَك» وَيُحْتَمَلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمُكَافَأَةَ عَلَى مَا بَدَتْ بِهِ مِنْ هَدِيَّتِهَا وَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ لِمَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ زَائِرًا حَتَّى قَدِمَ بِتُحْفَةِ أَنْ يُكَافِئَهُ عَلَى مُوَاصَلَتِهِ بِمَا يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اخْتَارَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَرَآهُ أَفْضَلَ مِنْ عِتْقِهَا؛ لِأَنَّ الصِّلَةَ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْعَتَاقَةِ وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتِ شِدَّةٍ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ الْعِتْقُ ضِرَارًا بِالْمُعْتَقِ فَجَعَلَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ أَعْظَمُ أَجْرًا وَأَوْصَلُ لِلرَّحِمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْتَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَأَهْوَى إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ فَقِيلَ: هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَفَعَ يَدَهُ فَقُلْت: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ، قَالَ خَالِدُ فَاجْتَرَرْته فَأَكَلْته وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ» .

(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ مَعْنَاهُ مَشْوِيٌّ فَأَهْوَى إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ يُرِيدُ مَدَّ يَدَهُ إلَيْهِ لِيَتَنَاوَلَهُ وَرَأَى بَعْضُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي فِي الْبَيْتِ أَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ مِنْهُ نَظَرًا يَعْلَمُ بِهِ مَا يَأْكُلُ وَلَعَلَّهُ كَانَ عِنْدَ الْمَدِينَةِ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ مِمَّا يَعَافُونَهُ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ: هُوَ ضَبٌّ رَفَعَ يَدَهُ فَسَأَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ امْتِنَاعِهِ مِنْهُ أَلِتَحْرِيمِهِ فَقَالَ لَا نَفْيًا لِتَحْرِيمِهِ وَلَكِنْ يَعَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِهِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - بِمَكَّةَ وَالْحِجَازِ فَأَكَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ إلَيْهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إبَاحَتِهِ وَعَلَى إبَاحَتِهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ مَكْرُوهٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَنَهَاهُ عَنْهُ وَمَنَعَهُ مِنْهُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا نَادَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَى فِي الضَّبِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَسْت بِآكِلِهِ وَلَا بِمُحَرِّمِهِ» .

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَسْت بِآكِلِهِ وَلَا بِمُحَرِّمِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَعَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَدْ أَكْلَهُ وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَعَافُهُ الْإِنْسَانُ يَحْرُمُ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُ الْخُضَرَ الَّتِي لَهَا رَوَائِحُ، وَقَدْ يَعَافُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الْأَلْبَانَ وَالسَّمْنَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَطْعِمَةِ ثُمَّ بَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْهُ لَيْسَ لِتَحْرِيمِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَحَشَرَاتُ الْأَرْضِ كُلُّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ هِيَ مُحَرَّمَةٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا حَيَوَانٌ لَمْ يُنَصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فَلَمْ يَكُنْ حَرَامًا كَالضَّبُعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>