للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلَكُهُمْ» (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ» (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ لَقِيَ خِنْزِيرًا عَلَى الطَّرِيقِ فَقَالَ لَهُ اُنْفُذْ بِسَلَامٍ فَقِيلَ لَهُ تَقُولُ هَذَا لِخِنْزِيرٍ؟ فَقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ: إنِّي أَخَافُ أَنْ أُعَوِّدَ لِسَانِي الْمَنْطِقَ بِالسُّوءِ) .

مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ التَّحَفُّظِ فِي الْكَلَامِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ» مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ

ــ

[المنتقى]

أَهْلَكُهُمْ» .

(ش) : قَالَ مَالِكٌ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ احْتِقَارًا لِلنَّاسِ وَازْدِرَاءً عَلَيْهِمْ فَقَدْ هَلَكَ هُوَ بِقَوْلِهِ هَذَا، وَإِنْ قَالَهُ تَوَجُّعًا عَلَى النَّاسِ وَعَلَى مَنْ هَلَكَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِلْمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ يُؤْجَرَ عَلَى ذَلِكَ وَمَعْنَى فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَعْنَاهُ هُوَ أَفْشَلُهُمْ وَأَرْذَلُهُمْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بِمَعْنَى هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ» .

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - خَيْبَتِي مِنْ حَاجَتِي الَّتِي طَلَبْتهَا فَنَسَبَ الْخَيْبَةَ إلَى الدَّهْرِ وَتَظَلَّمَ مِنْهُ فَنَهَوْا عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا تَظَلَّمْتُمْ مِنْ الْمَانِعِ فَإِنَّمَا يَقَعُ تَظَلُّمُكُمْ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَانِعُ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُضِيفُ إلَى الدَّهْرِ مَا يُصِيبُهُ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ} [الجاثية: ٢٤] فَأَكْذَبَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ} [الجاثية: ٢٤] .

وَقَدْ رَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَسُبُّ ابْنُ آدَمَ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» فَقَوْلُهُ تَعَالَى وَأَنَا الدَّهْرُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُ هُوَ الدَّهْرُ وَلَا أَنَّ الدَّهْرَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ وَلَكِنَّ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَنَّهَا إذَا تَظَلَّمَتْ لِزَيْدٍ جَازَ لِعَمْرٍو أَنْ يَقُولَ: أَنَا زَيْدٌ الَّذِي تَظَلَّمْت مِنْهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ بِي يَصِلُ إلَى ذَلِكَ وَأَنَّ الْفِعْلَ وَقَعَ مِنِّي لَا مِنْ زَيْدٍ فَيَصِفُ نَفْسَهُ بِزَيْدٍ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ لَقِيَ خِنْزِيرًا عَلَى الطَّرِيقِ فَقَالَ لَهُ اُنْفُذْ بِسَلَامٍ فَقِيلَ لَهُ تَقُولُ هَذَا لِخِنْزِيرٍ؟ فَقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ: إنِّي أَخَافُ أَنْ أُعَوِّدَ لِسَانِي الْمَنْطِقَ بِالسُّوءِ) .

(ش) : قَوْلُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْخِنْزِيرِ اُنْفُذْ بِسَلَامٍ يَحْتَمِلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُرِيدَ بِهِ بِسَلَامَةٍ لَك مِنَّا كَمَا «قَالَ مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِنًى فِي الْحَيَّةِ وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا» وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ بِسَلَامٍ بِتَحِيَّةٍ مِنَّا عَلَيْك وَعَلَى أَنْفُسِنَا إذْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَرُدُّ التَّحِيَّةَ وَهَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِمْ تَقُولُ هَذَا لِخِنْزِيرٍ لِهِجْنَتِهِ فِي أَنْفُسِهِمْ أَوْ لِتَحْرِيمِهِ قَالَ: أَخَافُ أَنْ أُعَوِّدَ لِسَانِي الْمَنْطِقَ بِالسُّوءِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ لِلْعَوَائِدِ تَأْثِيرًا وَجَرَتْ إلَى مَا جَرَتْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ بِعَمْدٍ أَوْ سَهْوٍ فَأَرَادَ أَنْ يُطَهِّرَ لِسَانَهُ مِنْ مَنْطِقِ سُوءٍ رُبَّمَا سَبَقَ إلَيْهِ مَعَ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَعِظَ بِذَلِكَ مَنْ حَضَرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَقَدْ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ اسْتِعْمَالَ حُسْنِ الْأَلْفَاظِ وَاجْتِنَابَ ذِكْرِ مَا يُكْرَهُ سَمَاعُهُ وَأَنْ يُكَنَّى عَنْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَسُئِلَ عَنْ مَسِّ الرُّفْغِ وَالشَّرَجِ وَالْعَانَةِ أَفِي ذَلِكَ وُضُوءٌ فَقَالَ مَا سَمِعْت فِيهِ بِوُضُوءٍ وَأَكْرَهُ أَنْ يُمَسَّ تَقَذُّرًا، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْمُلُوكِ إذَا أَصَابَ النَّاسَ طَاعُونٌ فَطُعِنَتْ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ فَقِيلَ: طُعِنَتْ تَحْتَ إبْطِهَا فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسَأَلَهُ أَيْنَ طُعِنَتْ فَقَالَ: تَحْتَ يَدِهَا كَرَاهِيَةَ أَنْ يَذْكُرَ إبْطَهَا قَالَ، وَقَدْ كَانَتْ تَجْتَنِبُ سَيِّئَ الْكَلَامِ وَتَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ فَكَأَنَّهُ رَأَى التَّنْكِيبَ عَنْ ذِكْرِ الْعَانَةِ وَالشَّرَجِ مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>