للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا»

ــ

[المنتقى]

تَزِيدُ عَلَيْهَا سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَلَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَلَاةِ الْفَذِّ مِقْدَارٌ مِنْ الْفَضِيلَةِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَتَقَدَّرَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِدَرَجَاتٍ مَعْدُودَةٍ مُضَافَةٍ إلَيْهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً يَقْتَضِي أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ تَعْدِلُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ دَرَجَةً مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ لِأَنَّهَا تُسَاوِيهَا وَتَزِيدُ عَلَيْهَا سَبْعًا وَعِشْرِينَ جُزْءًا.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا» .

(ش) : الْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَتْنِ كَالْكَلَامِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ مَعَانِيَ أَحَدَهَا أَنْ يَكُونَ خَاطَبَ بِقَوْلِهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا قَوْمًا بِأَعْيَانِهِمْ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ غَيْرَهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أَعْلَمَ بِفَضِيلَةِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا ثُمَّ أَعْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِفَضِيلَةِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فَأَعْلَمَ بِذَلِكَ وَرَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عُمَرَ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو صَالِحٍ هَذَا الْحَدِيثَ فَأَشَارَ إلَى بَيَانِ مَعْنَى الْفَضِيلَةِ فَقَالَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تُضَاعَفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ» فَقَوْلُهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي سُوقِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ وَالسُّوقِ وَلِذَلِكَ عَلَّلَ الْفَضِيلَةَ وَبَيَّنَهَا بِالْخُطَى إلَى الْمَسْجِدِ فِي الصَّلَاةِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَالْمُقَامِ فِي الْمُصَلَّى بَعْدَ الصَّلَاةِ وَيَكُونُ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ.

وَمَعْنَى رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ فِيهِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ فِي الْبَيْتِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَلَعَلَّهُ لَمْ يُضِفْ إلَى فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَضِيلَةَ الْخُطَا إلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا فَضِيلَةَ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَلَا فَضِيلَةَ الْقِيَامِ فِي الْمُصَلَّى بَعْدَ الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ لَوْ أُضِيفَ ذَلِكَ كُلُّهُ لَكَانَتْ الدَّرَجَاتُ أَكْثَرَ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ تَرَكَ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ وَالسُّوقِ وَلَمْ يُفَاضِلْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ لِفَضْلِ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ وَبَعْضِهَا بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ تَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ أَنَّ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ تَعْدِلُ قِيَامَ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَصَلَاةَ الصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ تَعْدِلُ قِيَامَ لَيْلَةٍ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْت أَنَّ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ» ) .

(ش) : قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ الْحَدِيثَ وَعِيدٌ لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْ الصَّلَاةِ وَإِخْبَارٌ بِمَا هَمَّ بِهِ فِيهِمْ وَفِي ذَلِكَ تَحْذِيرٌ لَهُمْ عَنْ مُعَاوَدَةِ التَّخَلُّفِ عَنْهَا لِجَوَازِ أَنْ يَرَى إنْفَاذَهَا قَدْ هَمَّ بِهِ وَقَدْ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِهَذَا اللَّفْظِ عَلَى أَنَّ شُهُودَ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لَمَّا لَمْ يُنَفِّذْ مَا هَمَّ بِهِ وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ قَدْ تَوَعَّدَ عَلَى التَّخَلُّفِ عَنْ الصَّلَاةِ وَلَا يُتَوَعَّدُ إلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ وَالْأَصَحُّ فِي هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الصَّلَاةِ قَوْمٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ مِمَّنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ فَرْضَ الصَّلَاةِ وَيُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ الِاسْتِخْفَافُ بِهَا وَالتَّضْيِيعُ لَهَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>