للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَكِبَ إلَى رِيمٍ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَكِبَ إلَى ذَاتِ النُّصْبِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَبَيْنَ ذَاتِ النُّصْبِ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ)

ــ

[المنتقى]

مِنْهَا فَأَمَّا قَدْرُ السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى الْحَجِّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَقَلِّ مَقَادِيرِ سَفَرِ الْقَصْرِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَقَلَّ سَفَرِ الْقَصْرِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَرُوِيَ عَنْهُ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.

وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ قَوْلَهُ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَسِيرَةُ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَاحِدٌ وَأَنَّ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ فِي الْغَالِبِ هُوَ مَا يُسَارُ فِيهِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَرْكَ التَّحْدِيدِ بِالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ اللَّفْظَ إلَى لَفْظٍ هُوَ بَيِّنٌ مِنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَتُقْصَرُ فِي أَرْبَعِينَ مِيلًا وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ الْقَصْرُ فِي خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَصَرَ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ قَصَرَ فِي أَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ أَعَادَ أَبَدًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي أَقَلَّ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

وَقَالَ دَاوُد إنْ سَافَرَ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَصَرَ الصَّلَاةَ فِي قَصِيرِ السَّفَرِ وَطَوِيلِهِ وَدَلِيلُنَا عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ لِهَذَا الْمِقْدَارِ وَجَعَلَهُ سَفَرًا وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْخُرُوجَ إلَى الْمَوْضِعِ الْقَرِيبِ دُونَ ذِي مَحْرَمٍ فَإِذَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدًّا لِلسَّفَرِ وَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ هَذَا الْحُكْمُ وَيُحَدَّدُ مِنْهُ قِيَاسًا فَنَقُولُ إنَّهُ سَفَرٌ لَا تَخْرُجُ فِيهِ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَجَازَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حُكْمُ الْقَصْرِ أَصْلُهُ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَدَلِيلُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْمِيلِ وَالْمِيلَيْنِ أَنَّ هَذِهِ مَسَافَةٌ لَا تَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ بِقَطْعِهَا غَالِبًا فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حُكْمُ الْقَصْرِ كَالْخُرُوجِ إلَى الْمَسْجِدِ وَالسُّوقِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُرَاعَاةِ الْمَسَافَةِ فِي الْبَرِّ فَإِنَّ حُكْمَ الْبَحْرِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْبَرِّ فَإِنْ كَانَ السَّفَرُ فِي بِرٍّ وَبَحْرٍ فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ كَانَ فِي أَقْصَاهُ بِاتِّصَالِ الْبَرِّ مَعَ الْبَحْرِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ قَصَرَ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَرِّ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَكَانَ الْمَرْكَبُ لَا يَبْرَحُ إلَّا بِالرِّيحِ فَلَا يَقْصُرُ فِي الْبَرِّ حَتَّى يَرْكَبَ فِي الْبَحْرِ وَيَبْرُزَ عَنْ الْمَرْسَى وَإِنْ كَانَ يَجْرِي بِالرِّيحِ وَغَيْرِهَا فَلْيَقْصُرْ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ بِالْبِرِّ فَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى مَسِيرَةِ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَحُكْمُهُ الْقَصْرُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِتَغَيُّرِ عَزْمِهِ وَهَذَا مُتَيَقَّنٌ لِلسَّفَرِ عَازِمٌ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُهُ الْقَصْرَ انْتِظَارُ الرِّيحِ كَمَا لَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ فِي الْبَحْرِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ حَتَّى يُمْكِنَهُ الْعَزْمُ عَلَى اتِّصَالِ السَّيْرِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَكِبَ إلَى رِيمٍ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَكِبَ إلَى ذَاتِ النُّصْبِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَبَيْنَ ذَاتِ النُّصْبِ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ) .

(ش) : قَدْ رَوَى عُقَيْلٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ رِيمَ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثِينَ مِيلًا وَكَذَلِكَ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ وَمَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ أَوْلَى وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ لِتَكَرُّرِهِ عَلَيْهِ وَنَشْأَتِهِ بِهِ وَإِخْبَارِهِ بِمَسَافَتِهِ إخْبَارَ مَنْ يَرُوحُ إلَيْهِ وَيَغْدُو مِنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَقَلِّ مَقَادِيرِ الْقَصْرِ وَإِنَّمَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْقَصْرِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ وَإِنَّمَا يُخْبِرُ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ بِمَا يُشَاهِدُ مِنْ ذَلِكَ وَتَخْتَلِفُ عِبَارَاتُهُمْ فَبَعْضُهُمْ يَحُدُّ مَا رَوَاهُ بِالْمَسَافَةِ وَبَعْضُهُمْ بِالزَّمَانِ وَبَعْضُهُمْ بِالْأَمْيَالِ وَيَعُودُ ذَلِكَ كُلُّهُ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ إلَى خَيْبَرَ فَيَقْصُرُ الصَّلَاةَ) .

(ش) : وَهَذَا عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَبَيْنَ مُبْتَدَأِ سَفَرِهِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُبْتَدَأَ سَفَرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>