للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ» ) ..

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَرِيضُ السُّجُودَ أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ إيمَاءً وَلَمْ يَرْفَعْ إلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ الرَّجُلُ كَلَامًا فَرَجَعَ إلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ إذَا سُلِّمَ عَلَى أَحَدِكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَا يَتَكَلَّمْ وَلْيُشِرْ بِيَدِهِ) .

ــ

[المنتقى]

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُمْ «كَيْفَ يَسْرِقُ صَلَاتَهُ» سُؤَالٌ عَنْ تَفْسِيرِ مَا أَجْمَلَهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفَسِّرًا لِذَلِكَ أَنْ لَا يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا وَإِنَّمَا خَصَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ لِأَنَّ الْإِخْلَالَ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا يَقَعُ بِهِمَا.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ» ) .

ش قَوْلُهُ «اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ» ذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ بَعْضَ فَرْضِهِ فِي بَيْتِهِ لِيَقْتَدِيَ بِهِ أَهْلُهُ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُ أَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ التَّخَلُّفَ عَنْ حُضُورِ الْجَمَاعَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالنِّسَاءُ كُنَّ يَخْرُجْنَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إلَى الْمَسَاجِدِ فَيَتَعَلَّمْنَ وَيَقْتَدِينَ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَيْضًا فَقَدْ كَانَ يَقْدِرُ أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَهُ بِالْقَوْلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ صَلَاةَ النَّافِلَةِ كَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ إتْيَانَهُ بِالنَّافِلَةِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي مَسْجِدِهِ وَهَذَا حُكْمُ النَّوَافِلِ كُلِّهَا التَّسَتُّرُ بِهَا أَفْضَلُ يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» .

(ش) : قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَرِيضُ السُّجُودَ أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَيَقُومُ مَقَامَ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ فِي أَدَاءِ الْفَرَائِضِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَسْتَطِيعُ مِنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْإِيمَاءِ وَحُكْمِهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا جَاءَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى النَّاسُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا شَيْئًا) .

(ش) : قَوْلُهُ إذَا جَاءَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى النَّاسُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ يُرِيدُ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي جَاءَ لَهَا وَحَضَرَ وَقْتُهَا وَصَلَّاهَا النَّاسُ دُونَهُ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا شَيْئًا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ لِضِيقِ الْوَقْتِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مَعَ سَعَتِهِ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ يُصَلِّي وَحْدَهُ صَلَاةَ فَرْضٍ فِي وَقْتِهَا لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ قَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ ضَيِّقٍ عَنْ تِلْكَ الْفَرِيضَةِ وَعَنْ نَافِلَةٍ قَبْلَهَا بَدَأَ بِالْفَرِيضَةِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَهَا نَافِلَةً لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي فَوَاتَ الْفَرِيضَةِ فِي وَقْتِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَبْدَأَ بِالنَّافِلَةِ ثُمَّ بِالْفَرِيضَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَصَفَ فِعْلَهُ بِتَقَدُّمِ صَلَاةِ النَّاسِ قَبْلَهُ وَلَوْ كَانَ فِي ضِيقٍ مِنْ الْوَقْتِ لَقَصَدَ ذَلِكَ بِالذِّكْرِ، وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ مِنْ نَقْلِ فِعْلِهِ مَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَفْعَلَ وَيَفْعَلَ ضِدَّهُ فَأَمَّا مَا لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ فَنَقْلُهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَحَمْلُ مَا نُقِلَ عَنْهُ وَأُضِيفَ إلَيْهِ عَلَى فَائِدَةٍ أَوْلَى.

(ش) : السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي جَائِزٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَدْرَكْته وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْت عَلَيْهِ فَأَشَارَ إلَيَّ فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَالَ إنَّك سَلَّمْت عَلَيَّ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي.

فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَظْهَرَ الْمَانِعَ لَهُ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ نُطْقًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَرُدُّ بِالْكَلَامِ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ فَرَدُّ السَّلَامِ كَلَامٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] وَمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ «كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي فَيَرُدُّ عَلَيْنَا فَلَمَّا أَتَيْنَا الْجَيْشَ فَرَجَعْنَا سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ إنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا» .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلْيُشِرْ بِيَدِهِ لَمَّا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الْكَلَامِ كَانَ حُكْمُهُ رَدَّ السَّلَامِ بِالْإِشَارَةِ وَأَمَّا الْمُؤَذِّنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>