للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ «عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ تَسْأَلُهَا فَقَالَتْ أَعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِي قُبُورِهِمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِذًا بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا فَخَسَفَتْ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحًى فَمَرَّ بَيْنَ ظَهْرَيْ الْحَجَرِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ) .

ــ

[المنتقى]

فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ وَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَنْ صِفَةِ النَّارِ وَوَعَظَ النِّسَاءَ وَزَجَرَهُنَّ عَنْ الْأَعْمَالِ الْمُوجِبَةِ لِذَلِكَ فَقَالُوا لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِكُفْرِهِنَّ فَأَطْلَقَ اسْمَ الْكُفْرِ عَلَى فِعْلِهِنَّ وَإِنْ كَانَ يَقْتَضِي فِي الشَّرْعِ الْكُفْرَ بِاَللَّهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ السَّامِعِ أَنَّهُ أَرَادَ جِنْسَ النِّسَاءِ وَأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهُنَّ كَافِرَاتٍ إلَّا أَنْ يَرِدْ بِذَلِكَ شَرْعٌ فَيُكَذِّبُ إقْرَارَهُنَّ بِالْإِيمَانِ وَالْعَشِيرُ الزَّوْجُ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ عَشِيرُ الْمَرْأَةِ زَوْجُهَا.

وَقَالَ الْهَرَوِيُّ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ الزَّوْجَ سُمِّيَ عَشِيرًا لِأَنَّهُ يُعَاشِرُهَا وَتُعَاشِرُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالتَّفْسِيرِ، وَقَالَ مَكِّيٌّ فِي قَوْله تَعَالَى {لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحج: ١٣] أَيْ الْخَلِيطُ وَالصَّاحِبُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْعَشِيرُ يَعْنِي الْوَلِيَّ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُومُ لَهُ مَقَامَ الْعَشِيرِ وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ يُقَالُ هَذَا عَشِيرُكَ وَشَعِيرُكَ عَلَى الْقَلْبِ فَعَلَى هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ الْعَشِيرَ الزَّوْجَ خَاصَّةً بِمَعْنَى أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ كُلَّ مَنْ يُعَاشِرَهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ أَحْسَنْت إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْك شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْت مِنْك خَيْرًا قَطُّ وَعْظٌ وَزَجْرٌ عَنْ كُفْرِ الْإِحْسَانِ وَجَحْدِهِ عِنْدَ بَعْضِ التَّغْيِيرِ وَمُوَاقَعَةِ شَيْءٍ مِنْ الْإِسَاءَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْلَمُ أَحَدٌ مَعَ طُولِ الْمُؤَالَفَةِ إسَاءَةً أَوْ مُخَالَفَةً فِي قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَلَا يُجْحَدُ لِذَلِكَ كَثِيرُ إحْسَانِهِ وَمُتَقَدِّمُ أَفْضَالِهِ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ تَسْأَلُهَا تُرِيدُ عَطَاءً فَقَالَتْ أَعَاذَك اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ تَدْعُو لَهَا بِذَلِكَ وَلَعَلَّ الْيَهُودِيَّةَ سَمِعَتْهُ فِي التَّوْرَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ كُتُبِهِمْ فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا سَمِعَتْهُ لَمَّا لَمْ تَعْلَمْ حَقِيقَتَهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ تَسْمَعُ أَنَّ الْعَذَابَ وَالثَّوَابَ يَكُونُ بَعْدَ الْبَعْثِ وَلَمْ تَكُنْ سَمِعْت قَبْلَ ذَلِكَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِذًا بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ تَعَوَّذَ بِاَللَّهِ مِنْ أَنْ يُعَذَّبَ النَّاسُ فِي الْقُبُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أُخْبِرَ بِذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ تَعَوَّذَ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا فَخَسَفَتْ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحًى فِي ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا وَقْتُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ.

وَالثَّانِي: مَوْضِعُهَا فَأَمَّا وَقْتُهَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا ضُحًى وَلِهَذِهِ الصَّلَاةِ وَقْتٌ مُخْتَصٌّ بِهَا أَوَّلُهُ وَقْتُ جَوَازِ النَّافِلَةِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَخِلَافٌ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا آخِرُهُ فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: إحْدَاهَا أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا زَوَالُ الشَّمْسِ رَوَاهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ.

وَالثَّانِيَةُ: آخِرُ وَقْتِهَا امْتِنَاعُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ رَوَاهَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ.

وَالثَّالِثَةُ: تُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ رَوَاهَا الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْجَلَّابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>