للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُطَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ يُرِيدُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] ، وَقَوْلُهُ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ التَّسْبِيحُ وَهُوَ التَّنْزِيهُ لِلَّهِ تَعَالَى عَمَّا يَقُولُهُ الظَّالِمُونَ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ خَتَمَ الْمِائَةَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يُرِيدُ أَنَّ التَّسْبِيحَ وَالتَّكْبِيرَ وَالتَّحْمِيدَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا فَإِذَا هَلَّلَ أَكْمَلَ الْمِائَةَ وَذَلِكَ مِمَّا يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ وَالْغُفْرَانُ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ السَّتْرُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ يُرِيدُ فِي كَثْرَتِهَا فَإِنَّ مَا قَالَهُ يَعْدِلُ ذَلِكَ ص (مَالِكٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ صَيَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ فِي الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ إنَّهَا قَوْلُ الْعَبْدِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ) (ش) : قَوْلُهُ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ قَوْله تَعَالَى {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا} [مريم: ٧٦] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِفَهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهَا بَاقِيَاتٌ لِصَاحِبِهَا وَصَالِحَاتٌ لِجَزِيلِ ثَوَابِهَا فِي الْمَعَادِ وَحِينَ الْحَاجَةِ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَتَجَمَّلُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْمَالِ وَالْبَنِينَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لَيْسَ يَبْقَى لَهُمْ وَلَا يَعُودُ بِمَصْلَحَةٍ عَلَيْهِمْ فَأَخْبَرَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ هِيَ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ الْخَمْسُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ لَكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا بَلَى قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى) .

(ش) : قَوْلُهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: ذِكْرٌ بِاللِّسَانِ.

وَالثَّانِي: ذِكْرٌ عِنْدَ الْأَوَامِرِ بِامْتِثَالِهَا وَعِنْدَ الْمَعَاصِي بِاجْتِنَابِهَا وَهُوَ ذِكْرٌ.

وَالذِّكْرُ بِاللِّسَانِ عَلَى ضَرْبَيْنِ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ إلَيْهِ فَالْوَاجِبُ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسَلُّمِ فِيهَا وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ وَالْمَنْدُوبُ إلَيْهِ سَائِرُ الْأَذْكَارِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَأَمَّا الْوَاجِبُ مِنْ الذِّكْرِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَفْضُلَ عَلَى سَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ مِنْ الْجِهَادِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا فَيُقَالُ إنَّ ثَوَابَ الْمُصَلِّي أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ غَيْرِهِ إمَّا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِمَّا فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ أَوْ عَلَى حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَأَمَّا الْمَنْدُوبُ إلَيْهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَفْضُلَ عَلَى سَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا لِمَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الثَّوَابَ عَلَيْهِ أَعْظَمُ وَهَذَا طَرِيقَةُ الْخَبَرِ.

وَالثَّانِي: كَثْرَةُ تَكَرُّرِهِ وَهَذَا يُعْرَفُ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالنَّظَرِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) .

ش يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ هَاهُنَا بِذِكْرِ اللَّهِ الذَّاكِرِينَ جَمِيعًا بِالْقَلْبِ عِنْدَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَالذِّكْرِ بِاللِّسَانِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فَإِذَا قُلْت إنَّهُ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الذِّكْرَ فِي الصَّلَاةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ فَضْلِهَا عَلَى غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ سَائِرَ الْأَذْكَارِ لِتَكَرُّرِهَا وَخِفَّتِهَا عَلَى اللِّسَانِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ «كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ الْمُتَكَلِّمُ آنِفًا فَقَالَ الرَّجُلُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَدْ رَأَيْت بِضْعًا وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهُنَّ أَوَّلٌ» ) .

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ الْمُتَكَلِّمُ آنِفًا يَعْنِي قَبْلَ هَذَا وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَا يَقْرَبُ وَقَوْلُ الْمُتَكَلِّمِ أَنَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ لَمْ يَخْلُ مِنْ الْكَلَامِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>