للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَتَحَرَّ أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا» )

ــ

[المنتقى]

أَنَّ تَأْخِيرَهُمْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَا شُغْلٍ وَأَنَّهُ لَوْ أَوْجَبَ تَأْخِيرَهُ نِسْيَانٌ أَوْ غَلَبَهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِ الْمُنَافِقِينَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ حَتَّى إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ وَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ أَوْ عَلَى قَرْنِ الشَّيْطَانِ أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ يَكُونُ وَقْتَ مَنْعِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهَا بِمُقَارَنَةِ قَرْنِ الشَّيْطَانِ لَهَا وَقَوْلُهُ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا عَبَّرَ بِالنَّقْرِ إشَارَةً لِقِلَّةِ خُشُوعِهِ وَتَسَرُّعِهِ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ قَلِيلُ ذِكْرِ اللَّهِ فِيهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْخُشُوعَ بِالْقَلْبِ وَالذِّكْرِ بِاللِّسَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ ذِكْرَهُ بِالْقَلْبِ وَالْإِخْبَارَ عَنْ قِلَّةِ إقْبَالِهِ عَلَى صَلَاتِهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَتَحَرَّ أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا» ) .

(ش) : قَوْلُهُ لَا يَتَحَرَّ أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَنْعٌ مِنْ تَحَرِّي ذَلِكَ وَقَصْدِهِ وَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَنْعَ مِنْ النَّافِلَة فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

وَالثَّانِي: الْمَنْعُ مِنْ تَأْخِيرِ الْفَرْضِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» ) .

ش قَوْلُهُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَا يَخْلُو أَنْ يُرِيدَ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ بَعْدَ وَقْتِ الْعَصْرِ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ وَقْتَ الْعَصْرِ فَإِنَّ هَذَا نَهْيٌ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ لِأَنَّ مَا بَعْدَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الْعَصْرِ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى الْعَصْرَ مُنِعَتْ النَّافِلَةُ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ لَزِمَهُ تَقْدِيمُ الْعَصْرِ لِفَوَاتِ وَقْتِهَا وَلَمْ يَجُزْ الِاشْتِغَالُ بِالنَّافِلَةِ عَنْهَا وَفِي حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَنْ فَعَلَ صَلَاةَ الْعَصْرِ بِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ وَثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ وَقْتِهَا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ بِالْحَدِيثَيْنِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ ثَبَتَ النَّهْيُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِالْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا (فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ نَهْيٌ عَنْ الصَّلَاةِ لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى عُمُومِهِ لَمَنَعَ كُلَّ صَلَاةٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُ صَلَاةِ الْيَوْمِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا لِمَنْ فَاتَتْهُ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ» (مَسْأَلَةٌ) فَأَمَّا الْفَوَائِتُ فَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا صَلَاةُ الْجَنَائِزِ فَلَا يُمْنَعُ فِي وَقْتٍ مُخْتَارٍ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا لِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لَهُمَا إلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ أَوْ يُسْفِرَ الصُّبْحُ مُنِعَ مِنْهَا وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ يَجْرِي مَجْرَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَفِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُطْلِعُ قَرْنَاهُ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَغْرُبَانِ مَعَ غُرُوبِهَا وَكَانَ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَى تِلْكَ الصَّلَاةِ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ الْمُنْكَدِرَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ) (ش) : قَوْلُهُ يَضْرِبُ النَّاسُ عَلَى تِلْكَ الصَّلَاةِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ الَّتِي يُتَحَرَّى بِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>