للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَلَيْسَ مَعَهَا نِسَاءٌ يُغَسِّلْنَهَا وَلَا مِنْ ذَوِي الْمَحْرَمِ أَحَدٌ يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا وَلَا زَوْجٌ يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا يُمِّمَتْ فَمُسِحَ بِوَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا مِنْ الصَّعِيدِ) .

(ص) : (مَالِكٌ، وَإِذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إلَّا نِسَاءٌ يَمَّمْنَهُ

ــ

[المنتقى]

قِيَاسُ هَذَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْحَيِّ لَا يَرَاهَا حَتَّى يَرْتَجِعَ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَسَأَلَتْ مَنْ حَضَرَهَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَتْ إنِّي صَائِمَةٌ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْإِخْبَارِ بِأَفْعَالِ النَّفْلِ إنْ كَانَ نَفْلًا أَوْ الْإِخْبَارُ عَنْ قَضَاءِ الْوَاجِبِ إنْ كَانَ وَاجِبًا إذَا تَعَلَّقَ بِذَلِكَ حُكْمٌ يَحْتَاجُ إلَى السُّؤَالِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَسْمَاءُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ فَحُكْمُهَا التَّقْلِيدُ لِلصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَسْأَلَ عَنْهُ لِخَوْفِ فَوَاتِ الْحَادِثَةِ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ لَهَا الْحُكْمُ أَوْ لِيَقْوَى فِي نَفْسِهَا مَا ظَهَرَ إلَيْهَا مِنْهُ إنْ كَانَتْ عَلِمَتْهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهَا إنَّ هَذَا يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ غُسْلٍ أَخْبَرَتْ بِالْعِلَّةِ الْمَانِعَةِ لَهَا مِنْ الْغُسْلِ أَوْ السَّبَبِ الَّذِي تَخَافُ الضَّرَرَ بِهِ وَقَوْلُهُمْ لَهَا لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لَهَا مِنْ أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ وُجُوبَهُ أَسْقَطَتْهُ عَنْهَا شِدَّةُ الْبَرْدِ إلَّا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» لَيْسَ بِثَابِتٍ.

وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَوْ ثَبَتَ لَحُمِلَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِيَكُونَ الْعَازِمُ عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ يُبَالِغُ فِي غُسْلِهِ وَيَنْبَسِطُ وَلَا يَتَحَفَّظُ وَلَا يَتَقَبَّضُ إذَا لَمْ يَبْنِ عَلَى الِاغْتِسَالِ وَأَمْرُ الْحَامِلِ لِلْمَيِّتِ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَحْمِلَهُ لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ إذَا صَلَّى عَلَيْهِ فَيُصَلِّي مَعَ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَلْ يَنْجَسُ الْمَاءُ الَّذِي يُغَسَّلُ بِهِ الْمَيِّتُ وَالثَّوْبُ الَّذِي يُجَفَّفُ بِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُرْوَى أَنَّهُ يَنْجَسُ ذَلِكَ الثَّوْبُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَا يُرَى أَنْ يُصَلَّى بِهِ حَتَّى يُغْسَلَ وَلَا بِاَلَّذِي يُصِيبُهُ مِنْ مَائِهِ شَيْءٌ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَنْجَسُ الثَّوْبُ وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى نَجَاسَةِ الْإِنْسَانِ بِالْمَوْتِ فَمَنْ قَالَ أَنَّهُ يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ قَالَ بِنَجَاسَةِ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ لَا يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ حَكَمَ بِطَهَارَتِهِمَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تُوُفِّيَتْ وَكَانَ مَعَهَا نِسَاءٌ يَلِينَ ذَلِكَ مِنْهَا غَسَّلْنَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نِسَاءٌ وَكَانَ مَعَهَا رِجَالٌ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا فَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا مِنْ ذَوِي الْمَحْرَمِ أَحَدٌ يَقْتَضِي أَنَّ ذَا الْمَحْرَمِ يُغَسِّلُهَا، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُغَسِّلُهَا فِي قَمِيصِهَا، وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ يُيَمِّمُهَا، وَإِذَا غَسَّلَتْ ذَاتُ الْمَحْرَمِ الرَّجُلَ غَطَّتْ عَوْرَتَهُ؛ لِأَنَّ جَسَدَهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ (فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يُغَسِّلُهَا ذُو الْمَحْرَمِ فَصِفَةُ غُسْلِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَنْ تُغَسَّلَ فِي قَمِيصِهَا، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُغَسَّلُ وَعَلَيْهَا ثَوْبٌ يُجَافِيه عَنْهَا وَيَصُبُّ الْمَاءَ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ لِئَلَّا يَلْصَقَ الثَّوْبُ بِجَسَدِهَا فَيَصِفَهَا وَقَوْلُ مَالِكٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ رَاعَى لَمْسَ جَسَدِهَا بِيَدِهِ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مَبْنِيٌّ عَلَى مُرَاعَاةِ بَصَرِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ أَنْ يُدْرِكَ شَيْئًا مِنْ حَجْمِ جَسَدِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَفْضَلُ عِنْدِي أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَيُلْقِيَ الْمَاءَ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُجَافِي الثَّوْبَ عَنْ جَسَدِهَا وَيَكُونُ عَلَى يَدَيْهِ خِرْقَةٌ يَغْسِلُ بِهَا جَسَدَهَا تَمْنَعُ يَدَهُ مِنْ مُبَاشَرَةِ شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ يُمِّمَتْ فَمُسِحَ بِوَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا مِنْ الصَّعِيدِ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَنْ يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهَا فَبَاشَرَ غُسْلَهَا مِنْ النِّسَاءِ أَوْ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا يُمِّمَتْ بِالصَّعِيدِ؛ لِأَنَّ هَذَا الطَّهُورَ عَلَى مَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي جَسَدِ الْإِنْسَانِ فَكَانَ بَدَلُهُ التَّيَمُّمَ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ وَيَخْتَصُّ التَّيَمُّمُ بِوَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ مِمَّا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْ الْمَرْأَةِ وَأَمَّا الذِّرَاعُ فَعَوْرَةٌ وَفَرْضُ التَّيَمُّمِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّرَاعِ فَقَصَرَ عَلَى الْفَرْضِ الَّذِي لَيْسَ بِعَوْرَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>