للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْت ذَلِكَ، ثُمَّ قُلْتُ وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ فَأَعْقَبَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ فَتَزَوَّجَهَا» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ هَلَكَتْ امْرَأَةٌ لِي فَأَتَانِي مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ يُعَزِّينِي بِهَا فَقَالَ إنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ رَجُلٌ فَقِيهٌ عَالِمٌ عَابِدٌ مُجْتَهِدٌ وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَانَ بِهَا مُعْجَبًا وَلَهَا مُحِبًّا فَمَاتَتْ فَوَجَدَ عَلَيْهَا وَجْدًا شَدِيدًا وَلَقِيَ عَلَيْهَا أَسَفًا حَتَّى خَلَا فِي بَيْتٍ وَغَلَّقَ عَلَى نَفْسِهِ وَاحْتَجَبَ مِنْ النَّاسِ فَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَأَنَّ امْرَأَةً سَمِعَتْ بِهِ فَجَاءَتْهُ فَقَالَتْ إنَّ لِي إلَيْهِ حَاجَةً أَسْتَفْتِيهِ فِيهَا لَيْسَ يُجْزِينِي فِيهَا إلَّا مُشَافَهَتُهُ فَذَهَبَ النَّاسُ وَلَزِمَتْ بَابَهُ، وَقَالَتْ مَالِي مِنْهُ بُدٌ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ إنَّ هَاهُنَا امْرَأَةً أَرَادَتْ أَنْ تَسْتَفْتِيَكَ، وَقَالَتْ إنْ أَرَدْتُ إلَّا مُشَافَهَتَهُ. وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ وَهِيَ لَا تُفَارِقُ الْبَابَ فَقَالَ ائْذَنُوا لَهَا فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ إنِّي جِئْتُك أَسْتَفْتِيكَ فِي أَمْرٍ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَتْ إنِّي اسْتَعَرْت مِنْ جَارَةٍ لِي حَلْيًا فَكُنْت أَلْبَسُهُ وَأُعِيرُهُ زَمَانًا، ثُمَّ إنَّهُمْ أَرْسَلُوا إلَيَّ فِيهِ فَأُؤَدِّيهِ إلَيْهِمْ؟ فَقَالَ نَعَمْ وَاَللَّهِ فَقَالَتْ إنَّهُ قَدْ مَكَثَ عِنْدِي زَمَانًا فَقَالَ ذَلِكَ أَحَقُّ لِرَدِّكِ إيَّاهُ إلَيْهِمْ حِينَ أَعَارُوكِيهِ زَمَانًا قَالَ فَقَالَتْ أَيْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَفَتَأْسَفُ عَلَى مَا أَعَارَكَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْكَ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ فَأَبْصَرَ مَا كَانَ فِيهِ وَنَفَعَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهَا) .

مَا جَاءَ فِي الِاخْتِفَاءِ

الِاخْتِفَاءُ فِعْلُ النَّبَّاشِ وَمَعْنَاهُ الْإِظْهَارُ يُقَالُ خَفَيْت الشَّيْءَ إذَا أَخْرَجْته مِمَّا يَسْتُرُهُ وَأَظْهَرْته وَخَفَيْته إذَا سَتَرْته.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُهُ «مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ» هَذَا اللَّفْظُ مَوْضُوعٌ فِي أُصَلِّ كَلَامِ الْعَرَبِ لِكُلِّ مَنْ نَالَهُ شَرٌّ أَوْ خَيْرٌ وَلَكِنَّهُ مُخْتَصٌّ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ بِالرَّزَايَا وَالْمَكَارِهِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَقَالَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦] » لَمْ يُرِدْ لَفْظَ الْأَمْرِ بِهَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَرَدَ الْقُرْآنُ بِتَبْشِيرِ مَنْ قَالَهُ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: ١٥٥] {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦] {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: ١٥٧] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشِيرَ إلَى غَيْرِ الْقُرْآنِ فَيُخْبِرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَمْرِ الْبَارِي لَنَا بِذَلِكَ وَلِذَلِكَ وَصَلَهُ بِقَوْلِهِ «اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا ثُمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا فَعَلَ اللَّهُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ» يُرِيدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءَهُ وَيَجْمَعُ لَهُ بَيْنَ الْأَجْرِ عَلَى مُصِيبَتِهِ وَيُعْقِبُهُ مِنْهَا يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يُعْطِيه بِعَقِبِ ذَلِكَ خَيْرًا مِمَّا أَصَابَهُ (فَصْلٌ) :

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ وَذَلِكَ لِمَا كَانَتْ تَعْلَمُ مِنْ فَضْلِ أَبِي سَلَمَةَ وَدِينِهِ وَخَيْرِهِ وَاسْتَبْعَدَتْ لِذَلِكَ أَنْ تُعَوَّضَ بِخَيْرٍ مِنْهُ وَلَمْ تَكُنْ تَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَزَوَّجُهَا وَلَوْ ظَنَّتْ ذَلِكَ لَمْ تَقُلْهُ فَأَعْقَبَهَا اللَّهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ.

(ش) : الْمَتْنُ كُلُّهُ ظَاهِرُ الْمَعْنَى وَفِيهِ وَعْظُ الْعَالِمِ وَتَذْكِيرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَاعِظُ أَوْ الْمُذَّكِّرُ دُونَهُ فِي الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَأْنَفَ الْفَاضِلُ مِنْ وَعْظِ مَنْ هُوَ دُونَهُ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْحَقِّ وَوُفِّقَ لِلصَّوَابِ فَقَدْ يُخْطِئُ الْفَاضِلُ فِي أَمْرٍ يُوَفَّقُ فِيهِ الْمَفْضُولُ وَالتَّعْزِيَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَبْلُغَ عَنْ الرَّجُلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ شِدَّةُ إشْفَاقٍ وَافِرَاطُ حُزْنٍ فَيُعَزِّيَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّذْكِيرِ وَالْوَعْظِ فَهَذَا لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي جَوَازِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَقِفَ الْمَيِّتَ عِنْدَ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ عَلَى الْقَبْرِ فَيُعَزَّى فِيهِ فَهَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>