للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ مِثْلًا مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَتَجَرَ فِيهَا فَلَمْ يَأْتِ الْحَوْلُ حَتَّى بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا، وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ إلَّا قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ بَعْدَ مَا يَحُولُ عَلَيْهَا بِيَوْمٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ لَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ زُكِّيَتْ) .

ــ

[المنتقى]

وَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ النِّصَابُ، وَإِذَا كَانَتْ الدَّنَانِيرُ رَدِيئَةً كَثِيرَةَ النُّحَاسِ قَصُرَتْ عَمَّا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ فَإِذَا كَانَتْ فِي حُكْمِ الطَّيِّبَةِ الْخَالِصَةِ لَمْ تَقْصُرْ عَنْ ذَلِكَ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ دَنَانِيرُ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ فَتَجَرَ فِيهَا فَحَالَ الْحَوْلُ، وَقَدْ أَكْمَلَتْ بِرِبْحِهَا النِّصَابَ فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ حَوْلَ الرِّبْحِ حَوْلُ الْأَصْلِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا أَوْ دُونَهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ الْأَصْلُ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ كَمَلَ النِّصَابُ، الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا نَمَاءٌ حَادِثٌ عَنْ أَصْلٍ تَجِبُ فِي عَيْنِهِ الزَّكَاةُ فَإِذَا كَانَ مِنْ نَفْسِ الْأَصْلِ كَانَ حَوْلُهُ حَوْلَ أَصْلِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا حُكْمُ مَا رُبِحَ فِي مَالٍ اشْتَرَى بِهِ نَقْدَهُ وَمَنْ عِنْدَهُ مِائَةُ دِينَارٍ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً فَلَمْ يُنْقِدْ ثَمَنَهَا حَتَّى بَاعَهَا بِرِبْحِ ثَلَاثِينَ دِينَارًا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُزَكِّي الرِّبْحَ مَعَ مَا بِيَدِهِ.

وَقَالَ عَنْهُ أَشْهَبُ يَأْتَنِفُ بِالرِّبْحِ حَوْلًا زَادَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهُ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ وَعِنْدَهُ دِينَارٌ وَكَانَ شِرَاؤُهُ مُتَعَلِّقًا بِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي مِنْهَا فَكَانَتْ أَصْلًا لِمَا رُبِحَ فِي السِّلْعَةِ كَمَا لَوْ نَقَدَ فِيهَا الْمِائَةَ وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَى عَلَى ذِمَّتِهِ فَإِذَا لَمْ يُنْقِدْ الثَّمَنَ صَارَ الرِّبْحُ رِبْحَ ذِمَّتِهِ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مَالٌ قَالَ مُحَمَّدٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا لَا يُزَكِّي لِحَوْلِ الْمِائَةِ فَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ يَأْتَنِفُ بِالرِّبْحِ حَوْلًا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَكُونُ حَوْلُ الرِّبْحِ مِنْ يَوْمِ ادَّانَ وَاشْتَرَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِلَى هَذَا رَجَعَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ فِي ذِمَّتِهِ وَالْمِائَةُ الَّتِي بِيَدِهِ لَمْ تَصِلْ إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَضْمَنْهَا سِوَى أَنْ يَنْقُدَهُ غَدًا أَوْ إلَى شَهْرٍ وَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّهَا فَائِدَةٌ مَحْضَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَنِدُ إلَى مَالٍ يُعْتَبَرُ فِيهَا حَوْلُهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهَا وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مَنْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ ثَبَتَ فِيهَا حُكْمُ الْحَوْلِ فَإِذَا بَاعَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَمْ يَكُنْ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّى الرِّبْحَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي قِيمَةِ السِّلْعَةِ مِنْ حِينِ اُشْتُرِيَتْ وَلَكِنَّهُ الْآنَ ظَهَرَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ فَبَاعَهَا بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ الرِّبْحُ فَائِدَةٌ، وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إذَا قَامَتْ السِّلْعَةُ عِنْدَهُ حَوْلًا زَكَّى الرِّبْحَ مَكَانَهُ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ الرِّبْحَ فَائِدَةٌ لَا تَسْتَنِدُ إلَى جِنْسِ مَالٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا مِنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ إنَّهُ مَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ بِمَا يَمْنَعُ هَذَا التَّأْوِيلَ، وَقَدْ أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ تَسَلَّفَ عَرْضًا فَتَجَرَ فِيهِ حَوْلًا فَرَبِحَ فِيهِ مَالًا فَرَدَّ مَا تَسَلَّفَ. فَلْيُزَكِّ الرِّبْحَ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَسَلَّفَ مِائَةَ دِينَارٍ فَرَبِحَ فِيهَا بَعْدَ حَوْلٍ عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْعِشْرِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِلَى هَذَا رَجَعَ مَالِكٌ وَأَصْلُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنْ يَبْقَى عِنْدَهُ السَّلَفُ الَّذِي لَا عِوَضَ مِنْهُ مِنْ عَرْضٍ وَلَا عَيْنٍ حَوْلًا كَامِلًا فَإِنَّ حُكْمَ الزَّكَاةِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَمَا رَبِحَ فِيهِ فَهُوَ نَمَاءُ مَالٍ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنْ الْأَصْلِ لِلدَّيْنِ وَيَبْقَى الرِّبْحُ يَجْرِي فِيهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُقَابِلُهُ وَأَمَّا مَنْ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتَهُ فَيَرَى أَنَّ الْأَصْلَ لَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ لَمْ تَجِبْ فِي رِبْحِهِ كَغَلَّةِ الرِّبَاعِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ تَسَلَّفَ مِائَةَ دِينَارٍ فَبَقِيَتْ بِيَدِهِ حَوْلًا، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً فَبَاعَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ بِمِائَتَيْنِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجْعَلُ مِائَةً فِي دَيْنِهِ وَيُزَكِّي مِائَةً وَكَذَبَ عَلَيَّ مَنْ قَالَ عَنَى أَنَّ الْمِائَةَ فَائِدَةٌ، وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ نَافِعٍ وَعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>