للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَانَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهَا أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ قَدْ حَالَ عَلَيْهَا وَهِيَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ، ثُمَّ لَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ زُكِّيَتْ) .

(ص) : (وَقَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي إجَارَةِ الْعَبِيدِ وَخَرَاجِهِمْ وَكِرَاءِ الْمَسَاكِينِ وَكِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الزَّكَاةُ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهُ صَاحِبُهُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ يَكُونُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ إنَّ مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ مِنْهُمْ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ وَمَنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَلَغَتْ حِصَصُهُمْ جَمِيعًا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَكَانَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ أَفْضَلَ نَصِيبًا مِنْ بَعْضٍ أُخِذَ مِنْ مَالِ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ إذَا كَانَ فِي حِصَّةِ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» قَالَ مَالِكٌ، وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إلَيَّ فِي ذَلِكَ) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَبْلُغُ النِّصَابَ فَإِنَّ لِلْحَوْلِ تَأْثِيرًا فِيهِ فَإِذَا كَمُلَ الْحَوْلُ وَهُوَ يَنْقُصُ عَنْ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِعَدَمِ شَرْطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَهُوَ النِّصَابُ فَإِذَا اتَّجَرَ فِيهَا فَبَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَدَّى الزَّكَاةَ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَيْ الزَّكَاةِ قَدْ وُجِدَا وَهُوَ النِّصَابُ وَالْحَوْلُ وَيَكُونُ أَوَّلُ الْحَوْلِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ كَمُلَ النِّصَابُ وَوَجَبَ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْأَمْرَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْفَوَائِدِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهَا صَاحِبُهَا، وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ خِلَافٌ رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ وَقَعَ بِعَدَمِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ مَالِكٌ فَغَلَّةُ الْعَبِيدِ وَكِرَاءُ الْمَسَاكِينِ وَكِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ كُلُّهَا فَوَائِدُ فَلَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهَا رَبُّهَا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الشُّرَكَاءَ وَغَيْرَهُمْ فِي اعْتِبَارِ النِّصَابِ سَوَاءٌ فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً مِنْ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ مُخْتَلِطَةً بِمَالِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مُخَالَطَةَ غَيْرِهِ بِمَالِهِ لَا يُدْخِلُ فِي مِلْكِهِ مِنْ الْجُمْلَةِ أَكْثَرَ مِنْ مِقْدَارِ مَالِهِ مِنْهَا، وَإِذَا انْفَرَدَ مَالُهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ فَكَذَلِكَ إذَا شَارَكَهُ غَيْرُهُ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ لِجَمَاعَةٍ فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ نِصَابٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي حِصَّتِهِ وَمَنْ قَصُرَ مَالُهُ عَنْ النِّصَابِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ مِنْ شُرَكَائِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابٌ وَاخْتَلَفَتْ سِهَامُهُمْ فَإِنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ بِمِقْدَارِ مَا كَانَ يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْهَا لَوْ انْفَرَدَ وَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ فِي الْعَيْنِ وَلَا فِي الْحَرْثِ وَذَلِكَ لِمَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ مَلَكَ النِّصَابَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَيْنَ لَا عَفْوَ فِيهِ بَعْدَ النِّصَابِ فَمَنْ مَلَكَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصَابِ أَخْرَجَ عَنْ النِّصَابِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ عَمَّا زَادَ بِحِسَابِ ذَلِكَ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا فَلِذَلِكَ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُ الْعَيْنِ فِي الزَّكَاةِ بِالْخُلْطَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ عِنْدَهُ نِصَابٌ مِنْ الْعَيْنِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْعِشْرِينَ حَتَّى تَبْلُغَ بِالزِّيَادَةِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ دِينَارًا فَيَكُونَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فِي الزِّيَادَةِ الزَّكَاةُ، وَكَذَلِكَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ بَعْدَ نِصَابِ الْوَرِقِ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى يَبْلُغَ النِّصَابُ بِالزِّيَادَةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَيُزَكِّي حِينَئِذٍ عَنْ الزِّيَادَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مَالٌ يَجِبُ عَلَى مُتْلِفِهِ مِثْلُهُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ عَفْوٌ بَعْدَ الْوُجُوبِ كَالْحُبُوبِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» اسْتِدْلَالٌ مِنْهُ بِعُمُومِ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشُّرَكَاءِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ وَحَمَلَهُ لِذَلِكَ عَلَى اجْتِمَاعِهَا فِي الْمِلْكِ دُونَ اجْتِمَاعِ الْوَرِقِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>