للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ وَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ لَا يَبِيعُ إلَّا بِالْعَرْضِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ مَالٌ يُدِيرُهُ وَمَالٌ يَدَّخِرُهُ فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ زَكَّى كُلَّ مَالٍ عَلَى حُكْمِهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ فَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَكْثَرِ وَالْأَقَلُّ تَبَعٌ لَهُ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ أَدَارَ أَكْثَرَ مَالِهِ زَكَّى جَمِيعَهُ عَلَى الْإِدَارَةِ، وَإِنْ أَدَارَ أَقَلَّهُ زَكَّى كُلَّ مَالٍ عَلَى حُكْمِهِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْأُصُولَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ مَالَانِ فِي الزَّكَاةِ كَانَ أَقَلُّهُمَا تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ، أَصْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَارُ أَكْثَرَ.

وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْحَوْلِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَضَّ لَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ مِنْ جُمْلَةِ مَالٍ كَثِيرٍ لَغَلَبَ حُكْمُ الْحَوْلِ وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَدَارَ تِجَارَتَهُ بَعْضَ الْحَوْلِ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يُدِيرَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا أَدَارَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يُدِيرَ فَلَا يُقَوِّمُ عَرْضَهُ وَلَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَبِيعَهُ وَلَا يُزَكِّي دَيْنَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ أَنْ لَا تُزَكَّى حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهَا، وَإِنَّمَا ثَبَتَ التَّقْوِيمُ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ لِلضَّرُورَةِ وَيَرْجِعُ الْفَرْعُ إلَى الْأَصْلِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَالْقِنْيَةِ فِيمَا يَرُدُّ إلَيْهَا مِنْ التِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا بَارَ عَرْضُ الْمُدِيرِ أَعْوَامًا فَقَالَ مَالِكٌ يُقَوِّمُ عَرْضَهُ الْبَائِرَ وَدَيْنَهُ الْمُحْتَبَسَ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقَوَّمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَيَبْطُلُ حُكْمُ الْإِدَارَةِ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ سَحْنُونٌ، وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا مَالٌ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْإِدَارَةِ بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَلِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَلِ وَلَيْسَ بَوَارُ الْعَرْضِ مِنْ نِيَّةِ الِادِّخَارِ وَلَا مِنْ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ يَعْرِضُهُ لِلْبَيْعِ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ سُوقَ نَفَاقٍ.

وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْعُرُوضَ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي قِيمَتِهِ مَعَ تَعْبِيرِهِ بِالتِّجَارَةِ فَإِذَا بَقِيَ وَلَمْ يَنْتَقِلْ بِالتِّجَارَةِ رَجَعَ إلَى حُكْمِ الِادِّخَارِ الَّذِي هُوَ أَصْلُهُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ فَحُكْمُ الْمُدَّةِ الَّتِي تَبُورُ فِيهَا حَتَّى يَسْقُطَ فِيهِ حُكْمُ الْإِدَارَةِ لَمْ يَحُدَّ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ حَدًّا، وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ بَارَ عَامَيْنِ بَطَلَ فِيهِ حُكْمُ الْإِدَارَةِ وَرَوَاهُ ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَامَ الْوَاحِدَ مُدَّةٌ لِلتَّنْمِيَةِ وَالتَّحْرِيكِ فَإِذَا اتَّصَلَ بِذَلِكَ عَامٌ آخَرُ ثَبَتَ بَوَارُهُ وَحُكِمَ بِبُطْلَانِ حُكْمِ التِّجَارَةِ فِيهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُدِيرَ يُقَوِّمُ عَرْضَهُ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ عَيْنٌ فَهَلْ تُقَوَّمُ أَمْ لَا؟ قَالَ مَالِكٌ تُقَوَّمُ رَوَاهُ عَنْهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَتَّى يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعَيْنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ انْفَرَدَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ التَّنْمِيَةَ تَحْصُلُ لَهُ بِالتِّجَارَةِ بِالْعَرْضِ فَكَانَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ كَمَا لَوْ بَاعَ بِالْعَيْنِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعُرُوضَ لَا تُزَكَّى، وَإِنَّمَا تُزَكَّى الْعَيْنُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ لِيَكُونَ لَهُ أَصْلًا فِي الزَّكَاةِ فَتَكُونَ قِيمَةُ عُرُوضِهِ تَبَعًا لِذَلِكَ الدِّرْهَمِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمُ فَحُكْمُ مِقْدَارِ مَا يَنِضُّ لَهُ حَتَّى يُقَوَّمَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ، وَإِنْ لَمْ يَنِضَّ لَهُ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَلَا أَعْرِفُ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ إنَّهُ مُدِيرٌ وَيُرَاعَى أَنَّهُ يَنِضُّ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ أَقْوَالُهُمْ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَيْسَ بِمُدِيرٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ بِبَيْعِهِ الْعَرْضَ عَنْ حُكْمِ الْإِدَارَةِ وَهُوَ رَأْيُ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ فَبِذَلِكَ يَقَعُ الْخِلَافُ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَتَى مَا نَضَّ لَهُ هَذَا الدِّرْهَمُ فِي وَسَطِ الْحَوْلِ أَوْ فِي آخِرِهِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّمَا يُرَاعَى حُصُولُ الْعَيْنِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ أَحْوَالِ الزَّكَاةِ تَكُونُ عِنْدَ الْحَوْلِ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قَبْلَ ذَلِكَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ نَضَّ مِنْ الْعَيْنِ أَقَلُّ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَمْ يَنِضَّ لَهُ عَيْنٌ أَصْلًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَرْضًا وَيُؤَدِّيَ ثَمَنَهُ فِي زَكَاتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ عَرْضًا بِقِيمَتِهِ مِنْ أَيِّ أَصْنَافِ عُرُوضِهِ شَاءَ فَيَدْفَعَهُ إلَى أَهْلِ الزَّكَاةِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>