للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فَدُونَهَا الْغَنَمُ يَقْتَضِي أَنَّ الْغَنَمَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ وَعِشْرِينَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْبَعُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ وَقَصًا.

وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَمَرَّةً قَالَ إنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْجُمْلَةِ وَمَرَّةً قَالَ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا تَلْزَمُ بِهِ تِلْكَ الصَّدَقَةُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ وَقَصٌ إلَى أَنْ يَتَغَيَّرَ السِّنُّ لَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَلَا يُؤْخَذُ عَنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَدُونَهَا الْغَنَمُ وَقَوْلُهُ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ.

وَوَجْهُهُ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِمِقْدَارٍ فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وَبِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْوُجُوبِ كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ وَأَرْشِ الْمُوضِحَةِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ نِصَابٌ فَوَجَبَ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ عَفْوٌ كَالْخُمُسِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهَا أَرْبَعَ شِيَاهٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَدَدُ مَا فِيهَا مِنْ الْخَمْسِ وَيَقْتَضِي أَنَّ الْغَنَمَ هِيَ الْوَاجِبَةُ فِيهَا فَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَاحِدًا مِنْهَا لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنَّمَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُخْرِجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَهِيَ شَاةٌ وَالشَّاةُ الَّتِي تُؤْخَذُ فِي صَدَقَةِ الْإِبِلِ قَالَ مَالِكٌ تُؤْخَذُ مِنْ غَالِبِ غَنَمِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى غَنَمِهِمْ الضَّأْنَ أَخَذَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى غَنَمِهِمْ الْمَعْزَ أَخَذَ مِنْهَا لَا يَنْظُرُ إلَى مَا فِي مِلْكِهِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ مَنْ أَدَّى مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَاعِزٍ أَجْزَأَ عَنْهُ وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ الْمِعْزَى وَغَالِبُ غَنَمِ ذَلِكَ الْبَلَدِ الضَّأْنُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يُعْطِي مِنْ الْمِعْزَى.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الضَّأْنِ فَمِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْزِ فَمِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّنْفَيْنِ خُيِّرَ السَّاعِي.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ يَقْتَضِي أَنَّ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَفِي كُلِّ عَدَدٍ بَعْدَهَا إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسُ شِيَاهٍ وَفِي سِتٍّ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ حَدِيثُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاَلَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ انْتَهَى.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ وَكَانَ عِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ أَجْزَأَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَدْلٌ لَهَا؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْهَا بِالسِّنِّ وَأَدْنَى مِنْهَا بِالذُّكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ فِي الْأَنْعَامِ فَضِيلَةٌ مِنْ أَجْلِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ ابْنِ لَبُونٍ مَعَ وُجُودِ ابْنَةِ مَخَاضٍ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ ذَلِكَ وَبَنَاهُ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي إخْرَاجِ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ شُيُوخُنَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُجْمَعُ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ لِلْجِنْسِ فَإِنَّ إخْرَاجَ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقِيمَةِ كَالْوَرِقِ وَالذَّهَبِ.

وَفِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ التَّيْسُ مِنْ ذَوَاتِ الْعَوَارِ وَهُوَ أَدْوَنُ مِنْ الْفَحْلِ، وَإِنْ رَأَى الْمُصَّدِّقُ أَخَذَهُ وَأَخَذَ ذَوَاتَ الْعَوَارِ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ لَهُ فَعَلَ قَالَ أَشْهَبُ وَرُبَّمَا كَانَتْ ذَوَاتُ الْعَوَارِ أَوْ الْعَيْبُ الْكَبِيرُ أَثْمَنَ وَأَسْمَنَ فَلَا يَنْبَغِي لِلسَّاعِي أَنْ يَرُدَّهَا إنْ أُعْطِيَهَا فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي إخْرَاجِ ابْنِ لَبُونٍ مَعَ وُجُودِ ابْنَةِ مَخَاضٍ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ فَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمَاشِيَةِ إخْرَاجُهُ وَلَا لِلسَّاعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>