للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْجَوَابُ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالشَّرْطِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ بِنْتَ مَخَاضٍ سِنٌّ لَا يَعُودُ بَعْدَ الِانْتِقَالِ عَنْهُ فَرْضًا بِنَفْسِهِ قَبْلَ الْمِائَةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَعُودَ بَعْدَ الْمِائَةِ فَرْضًا بِنَفْسِهِ كَسِنِّ الْجَذَعَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْغَنَمَ لَا تَعُودُ فِي صَدَقَةِ الْإِبِلِ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْإِبِلِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْفَرْضَ يَتَغَيَّرُ إلَى تَخْيِيرِ السَّاعِي بَيْنَ حِقَّتَيْنِ وَثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ.

وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَنْتَقِلُ الْفَرْضُ إلَّا بِزِيَادَةِ عَشْرٍ مِنْ الْإِبِلِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ.

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْفَرْضَ يَنْتَقِلُ إلَى ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إلَى التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ فَعُلِّقَ بِتَخْيِيرِ الْأَسْنَانِ بِالْعَشَرَاتِ فَوَجَبَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلَ مَا بَعْدَ الْعِشْرِينَ مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُخَالَفَةُ بِالتَّخْيِيرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي اجْتِمَاعَ وَقَصَيْنِ لَا يَتَخَلَّلُهُمَا فَرْضٌ وَهَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِالْعَشْرِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْإِبِلِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ فَعَلَّقَ انْتِقَالَ الْفَرْضِ عَلَى الْعَشَرَاتِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مِنْهَا وَهَذَا كَمَا «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ فَمَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ» فَعَلَّقَ انْتِقَالَ الْفَرْضِ بِالْمِائَةِ فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهَا وَاجْتَمَعَ بِذَلِكَ وَقَصَانِ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا فَرْضٌ وَتَحَرَّرَ مِنْ هَذَا قِيَاسٌ فَنَقُولُ إنَّ هَذِهِ مَاشِيَةٌ تُزَكَّى بِالْغَنَمِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا وَقَصَانِ مُتَّصِلَانِ كَالْغَنَمِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ أَنَّ الِانْتِقَالَ يَقَعُ إلَى ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ قَوْلُهُ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْإِبِلِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ فَعَلَّقَ الِانْتِقَالَ إلَى هَذَا الْحُكْمِ عِنْدَ الزِّيَادَةِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْوَاحِدَةُ زِيَادَةٌ فَيَجِبُ الِانْتِقَالُ بِهَا وَيُؤْخَذُ فِي هَذِهِ الْإِبِلِ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ فَيَجِبُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إذَا بَلَغَتْ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ السَّائِمَةُ هِيَ الرَّاعِيَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا قَصَدَ إلَى ذِكْرِ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ عَامَّةُ الْغَنَمِ وَلَا تَكَادُ أَنْ تَكُونَ فِيهَا غَيْرُ سَائِمَةٍ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ السَّائِمَةَ فِي الْغَنَمِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابِهِ لِيَنُصَّ عَلَى السَّائِمَةِ وَيُكَلِّفَ الْمُجْتَهِدَ الِاجْتِهَادَ فِي إلْحَاقِ الْمَعْلُوفَةِ بِهَا فَيَحْصُلَ لَهُ أَجْرُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَقَالَ فِيهَا إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَفِيهَا شَاةٌ فَنِصَابُ الْغَنَمِ أَرْبَعُونَ وَوَقَصُهَا إلَى تَمَامِ الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ يُرِيدُ أَنَّ فِي مِائَتَيْ شَاةٍ شَاتَيْنِ، وَكَذَلِكَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ تَغَيَّرَ الْفَرْضُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ يُرِيدُ أَنَّ فِي مِائَتَيْ شَاةٍ وَشَاةٍ ثَلَاثَ شِيَاهٍ، وَكَذَلِكَ فِي الثَّلَاثِمِائَةِ ثُمَّ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ» يُرِيدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ فِي الْمِائَتَيْ شَاةٍ وَشَاةٍ ثَلَاثَ شِيَاهٍ، وَكَذَلِكَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَتِسْعٍ وَتِسْعِينَ حَتَّى تَكُونَ أَرْبَعَمِائَةِ شَاةٍ فَيَكُونَ فِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ انْتِقَالِ الْفَرْضِ عَلَى الْمُبَيَّنِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ بِذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ التَّيْسُ هُوَ الذَّكَرُ مِنْ الْمَعْزِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْفُحُولَةِ فَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِضِرَابٍ وَلَا لِدَرٍّ وَلَا نَسْلٍ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلنَّسْلِ وَالْهَرِمَةُ الَّتِي قَدْ أَضَرَّ بِهَا الْكِبَرُ وَبَلَغَتْ فِيهِ حَدًّا لَا تَكُونُ فِيهِ ذَاتَ دَرٍّ وَلَا نَسْلٍ وَذَاتُ الْعَوَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>