للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالسَّخْلَةُ الصَّغِيرَةُ حِينَ تُنْتَجُ وَالرُّبَّى الَّتِي قَدْ وَضَعَتْ فَهِيَ تُرَبِّي وَلَدَهَا وَالْمَاخِضُ هِيَ الْحَامِلُ وَالْأَكُولَةُ هِيَ الشَّاةُ اللَّحْمُ الَّتِي تُسَمَّنُ لِتُؤْكَلَ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الْغَنَمُ لَا تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ فَتَتَوَالَدُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهَا الْمُصَّدِّقُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ فَتَبْلُغُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ بِوِلَادَتِهَا قَالَ مَالِكٌ إذَا بَلَغَتْ الْغَنَمُ بِأَوْلَادِهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ فَعَلَيْهِ فِيهَا الصَّدَقَةُ وَذَلِكَ أَنَّ وِلَادَةَ الْغَنَمِ مِنْهَا وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا أُفِيدَ مِنْهَا بِاشْتِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْعَرْضُ لَا يَبْلُغُ ثَمَنُهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ (ثُمَّ يَبِيعُهُ صَاحِبُهُ أَيْ فَيَبْلُغُ بِرِبْحِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ) فَيُصَدِّقُ رِبْحَهُ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ رِبْحُهُ فَائِدَةً أَوْ مِيرَاثًا لَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهُ أَوْ وَرِثَهُ قَالَ مَالِكٌ فَغِذَاءُ الْغَنَمِ مِنْهَا كَمَا أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ مِنْهُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، ثُمَّ أَفَادَ إلَيْهِ مَالًا تَرَكَ مَالَهُ الَّذِي أَفَادَ فَلَمْ يُزَكِّهِ مَعَ مَالِهِ الْأَوَّلِ حِينَ يُزَكِّيه حَتَّى يَحُولَ عَلَى الْفَائِدَةِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهَا وَلَوْ كَانَتْ

ــ

[المنتقى]

الضَّأْنِ وَالثَّنِيِّ مِنْ الْمَعْزِ كَالضَّحَايَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْغَنَمِ وَخِيَارِهِ غِذَاءُ الْغَنَمِ صِغَارُهَا وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَأْخُذَ السَّاعِي خِيَارَ الْمَالِ وَلَا رَدِيئَهُ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الْوَسَطَ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَأَمَّا الْفَحْلُ فَهُوَ فَحْلُ الْغَنَمِ الَّذِي يَضْرِ بِهَا وَغِذَاءُ الْغَنَمِ هُوَ دُونَهَا فَإِنْ كَانَتْ الْغَنَمُ كُلُّهَا مَوَاخِضَ أَوْ رُبَّى أَوْ أَكُولَةً أَوْ فُحُولًا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا وَكَانَ لِرَبِّ الْمَاشِيَةِ أَنْ يَأْتِيَ بِالسِّنِّ الْوَسَطِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّعْدِيلِ بَيْنَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَالْفُقَرَاءِ عَلَى مَا قَالَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْغَنَمَ إذَا قَصَرَتْ عَنْ النِّصَابِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا فَإِذَا بَلَغَتْ بِوِلَادَتِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهَا الْمُصَّدِّقُ النِّصَابَ أَخَذَ مِنْهَا الزَّكَاةَ الْمُصَّدِّقُ؛ لِأَنَّ النَّمَاءَ يُكْمِلُ نِصَابَهَا وَفِي هَذَا مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّ النَّمَاءَ يُكْمِلُ النِّصَابَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ بِمَجِيءِ السَّاعِي بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَمُلَ النِّصَابُ بِالْوِلَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُصَدِّقَهَا الْمُصَّدِّقُ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ صَدَّقَهَا، ثُمَّ بَلَغَتْ النِّصَابَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَمَاءُ حَوْلٍ آخَرَ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» فَجَعَلَ مِنْ أَحْكَامِ الزَّكَاةِ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُمْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْمَالِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا جَازَ لَهُ إخْرَاجُهَا وَهُوَ إذَا صَدَّقَهَا السَّاعِي وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَعْنَى لَوْ تَلِفَ الْمَالُ قَبْلَهُ لَمْ يَضْمَنْ الزَّكَاةَ فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ الْوُجُوبُ كَالْحَوْلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ غَابَ عَنْهَا السَّاعِي حَوْلَيْنِ كَانَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهَا مُرَاعًى فَإِنْ وَجَدَهَا السَّاعِي بِيَدِهِ أَخَذَ مِنْهُ الزَّكَاةَ لِلْحَوْلَيْنِ وَصَحَّ وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا بِيَدِهِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ قَدْ عَدِمَ وَهَذَا إذَا كَانَ بِبَلَدٍ فِيهِ السُّعَاةُ فَإِذَا كَانَ بِبَلَدٍ لَا سَاعِيَ فِيهِ فَالزَّكَاةُ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَوْلٍ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ رَبَّ الْمَاشِيَةِ سَاعِي نَفْسِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ أَنَّ الْغَنَمَ إذَا بَلَغَتْ بِوِلَادَتِهَا النِّصَابَ فَفِيهَا الزَّكَاةُ وَذَلِكَ أَنَّ وِلَادَةَ الْغَنَمِ مِنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْأُمَّهَاتِ وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْفَائِدَةِ يُرِيدُ أَنَّ الْفَائِدَةَ لَا يَكْمُلُ بِهَا النِّصَابُ وَيَكْمُلُ بِالنَّسْلِ وَقَاسَهُ مَالِكٌ عَلَى نَمَاءِ الْعَيْنِ مِنْهُ فَإِذَا بَلَغَ الرِّبْحُ مَعَ الْأَصْلِ النِّصَابَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ إلَّا بِفَائِدَةٍ لَمْ يُزَكِّ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى الْفَائِدَةِ وَهَذَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ أَنَّ نِصَابَ الْحَوْلَيْنِ يَتِمُّ بِرِبْحِهِ، وَإِنَّمَا سَلَّمَهُ الشَّافِعِيُّ فِيمَنْ اشْتَرَى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ سِلْعَةً قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ، ثُمَّ بَاعَهَا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ بَعْدَ أَنْ حَالَ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِيهَا وَهَذَا أَصْلٌ يَصِحُّ قِيَاسُنَا عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>