للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْت عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الَّذِي يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ وَيُقِيمُ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَا يَحْرُمُ إلَّا مَنْ أَهَلَّ وَلَبَّى) .

(ص) : (وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ خَرَجَ بِهَدْيٍ لِنَفْسِهِ فَأَشْعَرَهُ وَقَلَّدَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَمْ يُحْرِمْ هُوَ حَتَّى جَاءَ الْجُحْفَةَ فَقَالَ لَا أُحِبُّ ذَلِكَ وَلَمْ يُصِبْ مَنْ فَعَلَهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْهَدْيَ وَلَا يُشْعِرَهُ إلَّا عِنْدَ الْإِهْلَالِ إلَّا رَجُلٌ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ فَيَبْعَثُ بِهِ وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ) .

(ص) : (وَسُئِلَ مَالِكٌ هَلْ يَخْرُجُ بِالْهَدْيِ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَقَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ) .

(ص) : (وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ الْإِحْرَامِ بِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ مِمَّنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ فَقَالَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ

ــ

[المنتقى]

تُرِيدُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ حَلَالًا لَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ هَدْيَهُ فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ بِبَعْثِهِ الْهَدْيَ إلَى أَنْ نُحِرَ وَهَذِهِ الْمُدَّةُ الَّتِي يَدَّعِي فِيهَا الِامْتِنَاعَ مِنْ مَحْظُورِ الْإِحْرَامِ وَأَمَّا بَعْدَ نَحْرِ الْهَدْيِ فَلَا خِلَافَ فِي الْإِبَاحَةِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْت عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الَّذِي يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ وَيُقِيمُ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَا يَحْرُمُ إلَّا مَنْ أَهَلَّ وَلَبَّى) .

ش قَوْلُهَا لَا يَحْرُمُ إلَّا مَنْ أَهَلَّ وَلَبَّى جَوَابٌ مُقَابِلٌ لِلَّفْظِ يَحْيَى؛ لِأَنَّ يَحْيَى إنَّمَا سَأَلَ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا فَجَوَابُهُ الْمُقَابِلُ لَهُ لَا أَوْ نَعَمْ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا مَنْ أَهَلَّ وَلَبَّى وَإِنَّمَا صَحَّ ذَلِكَ لِعِلْمِهَا بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ شَيْءٌ مِمَّا سَأَلَهَا عَنْهُ إلَّا عَلَى مُحْرِمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا فَلَا يَحْرُمُ شَيْءٌ عَلَيْهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا مُتَجَرِّدًا بِالْعِرَاقِ فَسَأَلَ النَّاسَ عَنْهُ فَقَالُوا: إنَّهُ أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ فَلِذَلِكَ تَجَرَّدَ قَالَ رَبِيعَةُ فَلَقِيت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرْت لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ بِدْعَةٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ) ش قَوْلُهُ رَأَى رَجُلًا مُتَجَرِّدًا بِالْعِرَاقِ، يُرِيدُ أَنَّهُ رَآهُ مُتَجَرِّدًا عَنْ الْمَخِيطِ إلَّا أَنَّهُ لَابِسٌ ثِيَابَ الْإِحْرَامِ، وَذَلِكَ بِبَلَدٍ يَلْبَسُ جَمِيعُهُمْ الْمَخِيطَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ مُخَالَفَةَ عَادَةِ النَّاسِ فَلَمَّا سَأَلَ عَنْهُ أُخْبِرَ أَنَّهُ إنَّمَا تَجَرَّدَ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ فَلَمَّا لَقِيَ رَبِيعَةُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بِدْعَةً وَلَعَلَّ عَبْدَ اللَّهِ قَدْ عَلِمَ مَا عِنْدَ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ فَعَوَّلَ عَلَيْهِ وَحَكَمَ بِأَنَّ مَا خَالَفَهُ بِدْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ لِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَعَلَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَدْ رَجَعَ عَنْهُ أَوْ كَانَ بَلَغَهُ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ رَجَعَ عَنْ مَسَائِلَ حِينَ أُعْلِمَ بِمَا فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَسْأَلَةِ الْمُتْعَةِ وَتَجْوِيزِ الذَّهَبَيْنِ وَالْفِضَّتَيْنِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ تَكُونُ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ «فِي ذِكْرِ زَمَنِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ حَتَّى إذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدْيَهُ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْهَدْيَ تَبَعٌ لِلنُّسُكِ، وَمِنْ سُنَّتِهِ وَفَضَائِلِهِ وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَحُكْمُهُ أَنْ يَنْفَرِدَ عَنْ النُّسُكِ وَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِهِ لِمَعْنًى يُوجِبُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْإِحْرَامِ أَنْ يَتَعَقَّبَ السَّعْيَ إلَى مَا أَحْرَمَ وَلِذَلِكَ يُهِلُّ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَيُهِلُّ الْمَاشِي إذَا انْفَصَلَ عَنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ مَاشِيًا فَلَوْ أَخَّرَ تَقْلِيدَ هَدْيِهِ وَإِشْعَارِهِ لَحَالَ ذَلِكَ بَيْنَ إحْرَامِهِ وَسَعْيِهِ فَقَدْ وَصَلَ بِهِ؛ لِأَنَّنَا قَدْ نَجِدُ مِنْ الْأَفْعَالِ مَا يَكُونُ لِلْإِحْرَامِ وَالنُّسُكِ وَيَتَقَدَّمُ الْإِحْرَامُ مُتَّصِلًا بِهِ كَلُبْسِ الثِّيَابِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَأَمَّا إذَا قَلَّدَ هَدْيَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَخَّرَ الْإِحْرَامَ إلَى الْجُحْفَةِ فَقَدْ أَفْرَدَ الْهَدْيَ وَجَعَلَ لَهُ حُكْمَ نَفْسِهِ وَمِنْ سُنَّتِهِ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِنُسُكِهِ فَقَدْ أَتَى بِهِ عَلَى خِلَافِ سُنَّتِهِ وَهَذَا لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ فَأَمَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ بِهَدْيِهِ وَيُقِيمَ حَلَالًا فِي أَهْلِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا هَدْيٌ قَدْ بَنَى فِيهِ عَلَى الْإِفْرَادِ لَهُ وَذَلِكَ جَائِزٌ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ بَعَثَ بِهَدْيِهِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالْهَدْيِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرِيدٌ لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ غَيْرَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِهَذَا عَنْ جَوَازِ خُرُوجِهِ بِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ حَلَالًا إلَى مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُرْسِلَ بِهِ صَاحِبُهُ إلَى مَكَّةَ مَعَ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِدُخُولِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>