للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ) .

مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ مِنْ الصَّيْدِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ «كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إذَا كَانُوا بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ

ــ

[المنتقى]

كَانَ لَهُ عَلَى قَدَمِهِ وَالْحِجَامَةُ تَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدِهِمَا يُحْلَقُ لَهُ شَعْرٌ إذَا كَانَتْ فِي الرَّأْسِ أَوْ الْعُنُقِ أَوْ مَوْضِعٍ فِيهِ شَعْرٌ، وَضَرْبٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَلْقِ شَعْرٍ بِأَنْ يَكُونَ فِي ظَهْرِ قَدَمٍ أَوْ ظَهْرٍ أَوْ مَوْضِعٍ لَا شَعْرَ فِيهِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِمَوْضِعٍ فِيهِ شَعْرٌ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى بِحَلْقِ الشَّعْرِ وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «احْتَجَمَ فَوْقَ رَأْسِهِ» وَهُوَ نَصٌّ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] .

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَتْ الْحِجَامَةُ فِي غَيْرِ رَأْسٍ فَاحْتَاجَ إلَى حَلْقِ شَعْرِهَا أَوْ نَتْفِ شَعْرٍ مِنْ جَسَدِهِ لِغَيْرِ حِجَامَةٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَدِّلِ فِي الْمَبْسُوطِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ شَعْرُ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ سَوَاءٌ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مُحْرِمٌ تَرَفَّهَ بِحَلْقِ شَعْرٍ مِنْ جَسَدِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَمَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَمَاطَ أَذًى، وَكُلُّ مَا فِيهِ إمَاطَةُ أَذًى فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِيهِ وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ إمَاطَةِ أَذًى وَلَا مَنْفَعَةَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَعَلَيْهِ فِي الشَّعْرَةِ وَالشَّعَرَاتِ قَبْضَةُ طَعَامٍ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفِدْيَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّرَفُّهِ وَالِانْتِفَاعِ بِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ بِحَلْقِ يَسِيرِ الشَّعْرِ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ بِحُصُولِ الِانْتِفَاعِ الْكَثِيرِ وَبِحُصُولِ الِانْتِفَاعِ بِإِمَاطَةِ الْأَذَى وَإِذَا كَانَ لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّرَفُّهُ إلَّا بِحَلْقِ الشَّعْرِ الْكَثِيرِ أَوْ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَوْ أَكْثَرِهِ فَإِنَّهُ إذَا حَصَلَ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَالتَّرَفُّهِ فَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ وَأَمَّا إذَا حَلَقَ شَعْرَةً أَوْ شَعَرَاتٍ يَسِيرَةً لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ انْتِفَاعٌ وَلَا تَرَفُّهٌ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ لِذَلِكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(ص) (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ) .

(ش) : قَوْلُهُ لَا يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ الِاحْتِجَامِ وَالْفَصَادَةِ لِغَيْرِ مَرَضٍ يُدْفَعُ وَلَا لِعِلَّةٍ تُزَالُ وَإِنَّمَا هُوَ لِاسْتِصْحَابِ الصِّحَّةِ وَأَمَّا إذَا خَافَ تَجَدُّدَ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ دَوَامَهُ وَرَجَا فِي الْحِجَامَةِ دَفْعَ مَا يَخَافُ فَإِنَّ الْحِجَامَةَ لَهُ مُبَاحَةٌ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَانْتِفَائِهَا.

وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَجِمَ مَنْ أَرَادَ مَا لَمْ يَحْلِقْ شَعْرًا وَلَا يَحْتَجِمَ فِي رَأْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ لِمَا يَخَافُ مِنْ قَتْلِ الْقَمْلِ وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَطَاءٍ.

وَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ فِي ذَلِكَ حَالَ الْحَلَالِ إلَّا فِيمَا يَعُودُ إلَى حَلْقِ الشَّعْرِ وَقَتْلِ الْقَمْلِ فَإِذَا احْتَجَمَ وَسَلِمَ فِي ذَلِكَ الْأَمْرَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَفَعَلَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَكْرَهُ الْحِجَامَةَ لِلْمُحْرِمِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْلِقْ لَهَا شَعْرًا وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إنْ احْتَجَمَ لِضَرُورَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ احْتَجَمَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِصِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ.

وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ بِهِ الْفِدْيَةُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لَوَجَبَتْ لِلضَّرُورَةِ كَحَلْقِ الرَّأْسِ وَلَمَّا لَمْ تَجِبْ لِلضَّرُورَةِ وَلَمْ تَجِبْ لِغَيْرِ الضَّرُورَةِ كَالْمَشْيِ فِي سُوقِ الْعَطَّارِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>