للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ نَسِيَ مِنْ طَوَافِهِ شَيْئًا أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ سَعْيَهُ، ثُمَّ يُتِمُّ طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ سَعْيَهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) .

ــ

[المنتقى]

خَفِيفًا أَتَمَّ سَعْيَهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا ابْتَدَأَ فَأَمَّا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْوُقُوفِ لِلْحَدِيثِ وَأَمَّا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا لَا يَلْزَمُ الْخُرُوجُ لَهَا وَغَيْرُهُ يَقُومُ بِفَرْضِهَا فَإِذَا خَرَجَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا هُوَ مُخْتَارٌ لِقَطْعِ سَعْيِهِ بِغَيْرِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَخْرُجُ عَنْ سَعْيِهِ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ بِخِلَافِ الطَّائِفِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ فِي الْمَسْجِدِ وَالتَّمَادِي عَلَى طَوَافِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُخَالِفِ عَلَى الْإِمَامِ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ الَّتِي أَقَامَهَا وَأَمَّا السَّعْيُ فَهُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ عَلَى الْإِمَامِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَصَابَهُ حَقْنٌ وَهُوَ يَسْعَى أَوْ أَحْدَثَ فَإِنَّ الْحَاقِنَ يَخْرُجُ فَيَبُولُ وَيَتَوَضَّأُ وَكَذَا الْمُحْدِثُ وَيَبْنِيَانِ عَلَى سَعْيِهِمَا؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَالِاشْتِغَالُ بِالْوُضُوءِ كَانَ لِإِتْمَامِ فَضِيلَةِ السَّعْيِ الْمَشْرُوعَةِ مِنْ الطَّهَارَةِ كَالرَّاعِفِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ نَسِيَ مِنْ طَوَافِهِ شَيْئًا وَلَوْ شَوْطًا وَاحِدًا فَذَكَرَ فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فَيُتِمُّ طَوَافَهُ ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَسْعَى وَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أَكْمَلَ سَعْيَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ تَمَامِ سَعْيِهِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُتِمُّ طَوَافَهُ، ثُمَّ يُعِيدُ الرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْعَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْعَى إلَّا بَعْدَ تَمَامِ طَوَافِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَطَاوَلَ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ اسْتَأْنَفَ الطَّوَافَ كُلَّهُ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ السَّعْيَ يَتَعَقَّبُ الطَّوَافَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَى بِالطَّوَافِ قَبْلَ السَّعْيِ» ، وَأَفْعَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ: يَرْجِعُ لِتَمَامِ طَوَافِهِ فَإِنْ كَانَ بَقِيَ عَلَيْهِ شَوْطٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ بَنَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ شَوْطٍ فَهَلْ يُتِمُّ ذَلِكَ الشَّوْطَ أَوْ يَبْتَدِئُهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ أَصْحَابِنَا: إنَّهُ يَبْتَدِئُ الشَّوْطَ مِنْ أَوَّلِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ شَكَّ فِي شَوْطٍ مِنْ طَوَافِهِ وَهُوَ يَسْعَى فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فَيُتِمُّ طَوَافَهُ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يُعِيدُ الرَّكْعَتَيْنِ وَالسَّعْيَ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالطَّوَافِ عَلَى يَقِينٍ لِيَتَحَقَّقَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ الطَّوَافَ عَلَى الْيَقِينِ ثُمَّ يَأْتِيَ بَعْدَهُ بِمَا هُوَ بَعْدَهُ فِي الرُّتْبَةِ وَأَمَّا إنْ شَكَّ حِينَ خَرَجَ مِنْ مِنًى فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى وَيَسْعَى بَعْدَهُ رَوَاهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ وَلَوْ لَمْ يُعِدْهُ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ رَجَعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ مُتَيَقَّنٍ وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ إنَّ شَكَّهُ بَعْدَ تَمَامِ عِبَادَتِهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ وَهُوَ عَلَى مَا أَتَمَّهَا عَلَيْهِ مِنْ يَقِينِ التَّمَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ شَكَّ فِي طَوَافِهِ فَأَخْبَرَهُ مَنْ يَطُوفُ مَعَهُ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ طَوَافَهُ قَالَ مَالِكٌ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ السَّعَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ هَذَا اسْتِحْسَانٌ مِنْ مَالِكٍ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى يَقِينِهِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ فِيهِ نَظَرٌ وَلِقَوْلِ مَالِكٍ وَجْهٌ صَحِيحٌ مِنْ النَّظَرِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُكَلَّفَ لَا يَرْجِعُ فِي الصَّلَاةِ إلَى قَوْلِ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ شُرِعَتْ لَهَا الْجَمَاعَةُ وَأَمَّا الْعِبَادَةُ الَّتِي لَمْ تُشْرَعْ فِيهَا الْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الْعِبَادَةِ كَالطَّهَارَةِ وَالصَّوْمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَوَّلُ الشَّوْطِ فِي الطَّوَافِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَذَلِكَ أَنَّ الطَّائِفَ يَبْتَدِئُ فَيَسْتَلِمُ، ثُمَّ يَأْخُذُ فِي الطَّوَافِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآخِرُهُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ؛ لِأَنَّ اسْتِيعَابَ الْبَيْتِ بِالطَّوَافِ لَازِمٌ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِمَا قُلْنَاهُ فَإِنْ بَدَأَ مِنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُد بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ بَلَغَنِي مَا بَدَأَ بِهِ قَبْلَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا فَرَغَ تَمَادَى إلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَقَدْ تَمَّ طَوَافُهُ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ أَتَمَّ طَوَافَهُ عَلَى ذَلِكَ وَرَكَعَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَرِيبًا مَا لَمْ يَتَبَاعَدْ أَوْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ أَعَادَ طَوَافَهُ فَإِنْ تَبَاعَدَا وَانْتَقَضَ وُضُوءُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>