للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فِي قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَدَلِيلُنَا أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ مُنْفَصِلٌ مُنَقٍّ لَا حُرْمَةَ لَهُ فَجَازَ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ كَالْأَحْجَارِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الِاسْتِجْمَارُ بِالْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ وَالْحَمْأَةِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ النَّهْيَ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِالْعَظْمِ وَالرَّوْثِ.

وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحَمْأَةِ وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ أَنَّهُ قَالَ مَا سَمِعْت فِي الْعَظْمِ وَالرَّوْثِ نَهْيًا عَامًا وَأَمَّا أَنَا فِي عِلْمِي فَمَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ الِاسْتِجْمَارَ بِذَلِكَ يُجْزِئُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ لِحَقِّ الْغَيْرِ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّهَا زَادُ إخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ» وَمَا مُنِعَ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ بِهِ لِحَقِّ الْغَيْرِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاسْتِجْمَارِ كَمَنْ تَمَسَّحَ بِثَوْبٍ لِغَيْرِهِ أَوْ اسْتَجْمَرَ بِحِجَارَةٍ لِغَيْرِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيُمْنَعُ الِاسْتِجْمَارُ بِمَا كَانَ نَجِسًا أَوْ مَكْرُوهًا وَبِكُلِّ شَيْءٍ مَأْكُولٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا أَعْرِفُ فِيهِ نَصًّا لِمَالِكٍ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَعِنْدِي أَنَّهُ قِيَاسًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ اسْتَنْجَى بِيَمِينِهِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ يُعِيدُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ أَيْ الْمَفْرُوضَةِ وَقَوْلُنَا فِي الْقِيَاسِ الْمُتَقَدِّمِ لَا حُرْمَةَ لَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُجْزِي لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَأَيْت الْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ يَشْتَرِطُ الطَّهَارَةَ فِيمَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ مَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ نَجِسُ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ فَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِهِ فَقَدْ طَرَأَتْ عَلَى الْمَحَلِّ نَجَاسَةٌ بِنَجَاسَةِ مَا اسْتَجْمَرَ بِهِ وَزَوَالُ مَا أَرَادَ إزَالَتَهَا وَلَا تَرْتَفِعُ هَذِهِ النَّجَاسَةُ إلَّا بِالْغَسْلِ لِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ وَارِدَةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الِاسْتِجْمَارُ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي إزَالَتِهَا وَتَطْهِيرِ الْمَحَلِّ مِنْهَا الْمَاءُ الطَّاهِرُ الْمُطَهِّرُ وَإِنْ كَانَ مَا اسْتَجْمَرَ بِهِ نَجِسًا بِالْمُجَاوَرَةِ كَالْحَجَرِ فَإِنْ بَاشَرَ الِاسْتِجْمَارَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ النَّجَاسَةُ فَحُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ بَاشَرَ الِاسْتِجْمَارَ بِمَوْضِعٍ طَاهِرٍ مِنْهُ كَالْحَجَرِ الْوَاحِدِ مِنْهُ فِي أَحَدِ جِهَاتِهِ نَجَاسَةٌ فَيَسْتَجْمِرُ هُوَ بِجِهَةٍ طَاهِرَةٍ فَإِنَّ الِاسْتِجْمَارَ بِهِ يَصِحُّ وَلَا يَضُرُّهُ وُجُودُ النَّجَاسَةِ فِي جِهَةٍ غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي بَاشَرَ الِاسْتِجْمَارَ بِهَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَوَلَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ» اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اعْتِبَارِ الْعَدَدِ فَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى الِاعْتِبَارِ بِالْإِنْقَاءِ دُونَ الْعَدَدِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الِاعْتِبَارُ بِالْعَدَدِ مَعَ الْإِنْقَاءِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ» وَالْوَتْرُ يَكُونُ وَاحِدًا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ إزَالَةُ نَجَاسَةٍ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا الْعَدَدُ كَالْغُسْلِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي الْفَرَجِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ «وَنَهَانَا أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» فَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ مَالِكٍ وَوَقَعَ الْإِنْقَاءُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُكْمِلَ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ وَيُحْمَلُ حَدِيثُ سَلْمَانَ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ إلَى ذِكْرِ مَا لَا يَقَعُ الْإِنْقَاءُ غَالِبًا بِأَقَلَّ مِنْهُ وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبِي الْفَرَجِ فَقَدْ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لَا يُجْزِيهِ حَجَرٌ لَهُ ثَلَاثَةُ حُرُوفٍ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَجَرِ الْوَاحِدِ خِلَافًا لَلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ يُجْزِئُ وَوَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّهُ حَجَرٌ لَا يُجْزِئُ فِي الْجِمَارِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَلَمْ يَجُزْ فِي الِاسْتِجْمَارِ عَنْهَا كَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ بَالَ أَوْ تَغَوَّطَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَعْتَبِرُ الْعَدَدَ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَحْجَارٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ لِكُلِّ مَخْرَجٍ مَعَ الْإِنْقَاءِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْإِنْقَاءُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا حَتَّى يُوجَدَ الْإِنْقَاءُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَصِفَةُ الِاسْتِجْمَارِ أَنْ يَبْدَأَ بِمَخْرَجِ الْبَوْلِ فَيَمْسَحَهُ حَتَّى يَجِفَّ أَثَرُ الْبَوْلِ مِنْهُ وَالْبُدَاءَةُ بِمَا فَضَلَ لِئَلَّا يَقْطُرُ عَلَى يَدِهِ مِنْهُ ثُمَّ يَمْسَحَ مَخْرَجَ الْغَائِطِ وَصْفَةُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَعُمَّ بِكُلِّ حَجَرٍ مَوْضِعَ النَّجْوِ.

وَقَالَ الْأَخْفَشُ يَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ فَيَمْسَحُ بِأَحَدِهَا إحْدَى الصَّفْحَتَيْنِ وَيَمْسَحُ بِالثَّانِي الثَّانِيَةَ وَيَمْسَحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>