للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيَرَى إعَادَتَهَا لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هِيَ تَعْلِيمٌ لِلْحَاجِّ وَلِذَلِكَ لَمْ يُغَيَّرْ حُكْمُ الصَّلَاةِ فِي الْجَهْرِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ الْأَذَانُ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا وَقْتَ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا مِنْ حُكْمِهَا ذَلِكَ لِمَا شُرِعَ مِنْ اتِّصَالِهَا بِالصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ)

وَلَعَلَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ إنَّمَا صَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِهِ لِيَكُونَ أَسْرَعَ لِخُرُوجِهِ مِنْ إدْخَالِ الْإِذْنِ عَلَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ لِمَا أَرَادَ مِنْ الْإِسْرَاعِ وَتَعْجِيلِ الْوُقُوفِ وَخُرُوجُ الْحَجَّاجِ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُفَدَّمَةٍ وَإِنْ كَانَ الْمَصْبُوغُ كُلُّهُ مَكْرُوهًا لِلْأَئِمَّةِ لَكِنْ لَيْسَ الْحَجَّاجُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ فَيَغْتَرُّ بِذَلِكَ مَنْ رَآهُ يَلْبَسُ الْمَصْبُوغَ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ الرَّوَاحُ إنْ كُنْت تُرِيدُ السُّنَّةَ يَقْتَضِي أَنَّهُ بَعْدَ الزَّوَالِ إلَّا أَنَّهُ أَعْلَمَهُ أَنَّ السُّنَّةَ التَّعْجِيلُ وَقَوْلُ الْحَجَّاجِ أَهَذِهِ السَّاعَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ وَالْوُقُوفِ عَنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ حَتَّى أَعْلَمَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ السُّنَّةَ التَّعْجِيلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَمَّا قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: اُنْظُرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَيَّ مَاءً وَكَانَ الْغُسْلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَشْرُوعًا لَا سِيَّمَا لِمَنْ يَؤُمُّ بِالنَّاسِ انْتَظَرَهُ رِفْقًا بِهِ وَعَوْنًا عَلَى الطَّاعَةِ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُ سَالِمٍ وَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا عَلَى رَوَاحِلِهِمْ لِأَنَّ السُّنَّةَ الرُّكُوبُ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ رَاحِلَةٌ وَحَجَّ رَاكِبًا كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَقَوْلُ سَالِمٍ لَهُ إنْ كُنْت تُرِيدُ السُّنَّةَ الْيَوْمَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِتَصْدِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَهُ يَدْخُلُ فِي الْمُسْنَدِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: فَاقْصُرْ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلْ الْوُقُوفَ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ يُطْلِقُونَ أَنَّهُ لَا يَخْطُبُ الْإِمَامُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَلَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الصَّلَاةِ فَيَنْقُلُهَا إلَى الْقَصْرِ وَالْجَهْرِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَخْطُبُ الْإِمَامُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَكَذَلِكَ يَقُولُ جَمِيعُ أَصْحَابِنَا الْمَغَارِبَةِ وَالْمَدَنِيُّونَ يَقُولُونَ: يَخْطُبُ الْإِمَامُ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَجْعَلُونَ لِلْخُطْبَةِ حُكْمَ الْخُطْبَةِ لِلصَّلَاةِ فِيمَا نَذْكُرُهُ وَإِنَّمَا يَجْعَلُونَ لَهَا حُكْمَ التَّعْلِيمِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّمَا قَالَ: يَخْطُبُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَتْ لِلصَّلَاةِ لَوَجَبَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الْوَقْتِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ كُلُّ صَلَاةٍ يُخْطَبُ لَهَا فَإِنَّهُ يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقِيلَ لَهُ: فَعَرَفَةُ يُخْطَبُ فِيهَا وَلَا يُجْهَرُ لَهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ: إنَّمَا تِلْكَ لِلتَّعْلِيمِ وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ لَا يُؤَذِّنُ إلَّا بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْخُطْبَةُ لِلصَّلَاةِ لَوَجَبَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أَوَّلِ الْخُطْبَةِ كَالْجُمُعَةِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَمِنْ حُكْمِ هَذِهِ السُّنَّةِ أَنْ يَخْطُبَ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَخُطَبُ الْحَجِّ ثَلَاثٌ أَوَّلُهُنَّ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقِيلَ: قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُنَا وَهِيَ لَا يَجْلِسُ فِي وَسَطِهَا يُعَلِّمُ النَّاسَ مَنَاسِكَهُمْ وَخُرُوجَهُمْ إلَى مِنًى وَصَلَاتَهُمْ بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَغُدُوَّهُمْ مِنْهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ وَالْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ بِعَرَفَةَ يَجْلِسُ بَيْنَهَا وَهِيَ تَعْلِيمُ النَّاسِ مَا بَقِيَ مِنْ مَنَاسِكِهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفِهِمْ بِهَا وَدَفْعِهِمْ وَمَبِيتِهِمْ بِمُزْدَلِفَةَ وَصَلَاتِهِمْ بِهَا وَوُقُوفِهِمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَالدَّفْعِ مِنْهُ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْحَلْقِ وَالنَّحْرِ وَالْإِفَاضَةِ وَالْخُطْبَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ بِيَوْمٍ وَهُوَ أَوَّلُ أَيَّامِ الرَّمْيِ وَهِيَ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجْلِسُ فِيهَا وَهِيَ بَعْدَ الظُّهْرِ يُعَلِّمُ النَّاسَ الرَّمْيَ وَأَوْقَاتَهُ وَكَيْفَ هُوَ وَيَوْمَ نَفْرِهِمْ وَمَا لَهُمْ مِنْ التَّعْجِيلِ فِي يَوْمَيْنِ وَتَعْجِيلَ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيَ فِي تَأْخِيرِهَا وَالْبَيْتُوتَةَ بِمِنًى لَيَالِي مِنًى وَلَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاتِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْخُطَبِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ مُطَّرِفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَتُفْتَحُ هَذِهِ الْخُطَبُ الثَّلَاثُ بِالتَّكْبِيرِ كَالْأَعْيَادِ وَيُكَبِّرُ فِي خِلَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>