للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ص (مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ مِنْ أَيْنَ كَانَ الْقَاسِمُ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَالَ مِنْ حَيْثُ تَيَسَّرَ) .

ص (سُئِلَ مَالِكٌ هَلْ يُرْمَى عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَرِيضِ فَقَالَ: نَعَمْ وَيَتَحَرَّى الْمَرِيضُ حِينَ يُرْمَى عَنْهُ فَيُكَبِّرُ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ وَيُهْرِيقُ دَمًا فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رُمِيَ الَّذِي رَمَى عَنْهُ وَأَهْدَى وُجُوبًا) .

ــ

[المنتقى]

الْحَجِّ وَلَعَلَّ مُعَاوِيَةَ أَيْضًا رَكِبَ لِعُذْرٍ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ فِيمَنْ رَكِبَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَوْ مَشَى يَوْمَ النَّحْرِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

ش قَوْلُهُ وَمِنْ حَيْثُ تَيَسَّرَ قَالَ مَالِكٌ: مَعْنَاهُ مِنْ أَسْفَلِهَا وَهُوَ الْيُسْرُ فِيهَا لِأَنَّ رَمْيَهَا مِنْ أَعْلَاهَا فِيهِ مَشَقَّةٌ لِحُرُوجَةِ الْمَوْضِعِ وَضِيقِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: رَمَى عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي فَقُلْت لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنَّ نَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا فَقَالَ: وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَهَذَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ رَمَاهَا مِنْ أَعْلَاهُ أَجْزَأَهُ اهـ مِنْ الْمَبْسُوطِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَإِنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَلْيَجْعَلْ مِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَمَكَّةَ عَنْ يَسَارِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَرَآهُ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.

ش وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ يَلْزَمُهُ الرَّمْيُ كَمَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْهُمَا الْمَشْيَ إلَيْهِ أَوْ كَانَ لَهُ مَنْ يَحْمِلُهُ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَاشِرَ الرَّمْيَ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَفْهَمُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَكَانَ مَعَ الْمَرِيضِ ذِهْنُهُ.

وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى هَذَا عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِي مُخْتَصَرِهِ إنْ رَجَا الْمَرِيضُ أَنْ يَصِحَّ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلْيُؤَخِّرْ الرَّمْيَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ لَمْ يَرْجُ ذَلِكَ رُمِيَ عَنْهُ وَأَهْدَى وَيَحْتَمِلُ هَذَا عِنْدِي وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَوْلًا وَاحِدًا وَذَلِكَ أَنَّهُ نَصَّ أَوَّلًا عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ مَنْ يَحْمِلُهُ وَيُطِيقُ ذَلِكَ مَضَى وَعَجَّلَ الرَّمْيَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَحْمِلُهُ وَرَجَا أَنْ يُطِيقَ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَخَّرَ الرَّمْيَ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَحْمِلُهُ رُمِيَ عَنْهُ وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا إنْ رَجَا أَنْ يُفِيقَ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ أَخَّرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْمِ عَنْهُ أَحَدٌ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ ذَلِكَ أَمَرَ مَنْ يَرْمِي عَنْهُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ فِيمَا يَرْجُوهُ مِنْ حَالِهِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِيمَا يُطِيقُهُ وَقْتَ الرَّمْيِ وَيَوْمُهُ ذَلِكَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ عَلَى الرَّمْيِ وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ يَرْجُو أَنْ يَرْمِيَ فِي بَقِيَّةِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الرَّمْيَ لَهُ وَقْتَانِ وَقْتُ أَدَاءً وَوَقْتُ قَضَاءٍ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ رَجَا أَنْ يَرْمِيَ فِي الْوَقْتِ فَهُوَ أَوْلَى وَلَا مَعْنَى لِرَمْيِ غَيْرِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَرْجُو أَنْ يَرْمِيَ بِنَفْسِهِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ وَقْتَ الرَّمْيِ هُوَ لِكُلِّ يَوْمٍ فِي نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ الدَّمُ عَلَى مَنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ فَإِذَا يَئِسَ مِنْ أَنْ يَرْمِيَ بِنَفْسِهِ عَنْ يَوْمِهِ اسْتَنَابَ فِي ذَلِكَ لِمَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ وَهَذَا كَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ مَنْ يَئِسَ مِنْ إدْرَاكِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ تَيَمَّمَ وَلَمْ يُؤَخِّرْ التَّيَمُّمَ إلَى وَقْتِ الضَّرُورَةِ.

(فَرْعٌ)

فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى مَا يَظُنُّ بِنَفْسِهِ وَحَالِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَهُوَ كَالْعَادِمِ لِلْمَاءِ إنَّمَا يَرْجِعُ فِي عَدَمِهِ وَوُجُودِهِ إلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ.

(مَسْأَلَةٌ)

فَإِنْ لَمْ يُطِقْ الْمَرِيضُ السَّيْرَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَحْمِلُهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُطِيقُ الرَّمْيَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَرَمَى عَنْهُ ثُمَّ صَحَّ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ يَرْمِي لِمَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ وَيَهْدِي رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةِ شُيُوخِنَا وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ فِي الْمَرِيضِ يَصِحُّ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيَرْمِي مَا رُمِيَ عَنْهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرَّمْيِ وَهُوَ لَوْ تَحَامَلَ لَاسْتَطَاعَهُ فَلِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَهَذَا عِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>