للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

هَدْيَهُ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرْدِفُوا الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَيَعُودُوا قَارِنِينَ وَمَعْنَى ذَلِكَ الْمَنْعُ لَهُمْ مِنْ التَّحَلُّلِ مَعَ بَقَاءِ الْهَدْيِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ الْمُتَقَدِّمِ «إنِّي لَبَّدْت رَأْسِي وَقَلَّدْت هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ» وَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ فِيهِ إرْدَافُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُبِيحُ التَّحَلُّلَ مِنْ الْعُمْرَةِ مَعَ الْبَقَاءِ عَلَى حُكْمِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَمَنَعَ مِنْ الْحِلَاقِ لِلْعُمْرَةِ وَالتَّحَلُّلِ مِنْهَا بِشَيْءٍ حَتَّى يَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْحَجِّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ التَّحَلُّلِ لِيُسْتَفَادَ بِذَلِكَ الْمَنْعُ مِنْ التَّحَلُّلِ مَعَ بَقَاءِ الْهَدْيِ عَلَى تَقْلِيدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِيُعَلِّمَهُمْ مَعْنَى الْقِرَانِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْ الْعُمْرَةِ وَإِنْ أَتَى الْقَارِنُ بِالْعَمَلِ الَّذِي يَخُصُّهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْعُمْرَةِ إلَّا مَا يَخُصُّ الْحَجَّ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ الْقِرَانِ وَإِنَّ مَا يَبْقَى عَلَيْهِ مِنْ الْإِحْرَامِ ثَابِتٌ فِي حَقِّ الْعُمْرَةِ كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي حَقِّ الْحَجِّ حَتَّى يَكْمُلَ الْحَجُّ فَيَكُونَ التَّحَلُّلُ مِنْهُمَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «فَقَدِمْت مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» وَذَلِكَ أَنَّ الطَّوَافَ مَمْنُوعٌ فِي حَقِّ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ الطَّهَارَةَ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَيْتِ كَالصَّلَاةِ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مُرَتَّبٌ عَلَى الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَهُ فَمَنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنْ كَانَ السَّعْيُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الطَّهَارَةُ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ طَاهِرًا فَطَافَتْ بِالْبَيْتِ وَصَلَّتْ الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ حَاضَتْ لَجَازَ لَهَا أَنْ تَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ السَّعْيَ بَيْنَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ سَعَى عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَشَكَوْت ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْتَضِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ سَاقَتْ هَدْيًا وَلَا كَانَتْ مِمَّنْ أَمِنَ أَنْ يُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِنَّمَا كَانَتْ مِمَّنْ يُسَوَّغُ لَهُ التَّمَادِي عَلَى التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَكَانَ مِنْ حُكْمِهَا إذَا دَخَلَتْ مَكَّةَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَتَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ تَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهَا ثُمَّ تَسْتَأْنِفَ بِالْحَجِّ فَلَمْ يُمْكِنْهَا إتْمَامُ عُمْرَتِهَا لِتَعَذُّرِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ حَيْضَتِهَا فَشَكَتْ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُنْقُضِي شَعْرَك وَامْتَشِطِي» يَحْتَمِلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَبَاحَ لَهَا فِي ذَلِكَ لِأَذًى أَدْرَكَهَا مِنْ طُولِ إحْرَامِهَا وَتَمَادِي الشُّعْثِ عَلَيْهَا وَكَثْرَةِ هَوَامِّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَبَاحَ لَهَا بِهِ الِامْتِشَاطَ وَنَقْضَ رَأْسِهَا لَمَّا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ إزَالَةِ الْأَذَى عَنْهَا لِأَنَّ الْحِلَاقَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهَا وَهَذَا كَمَا أَمَرَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ بِالْحِلَاقِ إذَا أَذَاهُ هَوَامُّهُ لِأَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ مِمَّنْ حُكْمُهُ الْحِلَاقُ وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالتَّقْصِيرِ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ لَيْسَ فِيهِ إمَاطَةُ أَذًى وَالْحِلَاقُ فِيهِ إمَاطَةُ أَذًى وَإِنَّمَا أَمَرَهَا بِالِامْتِشَاطِ وَنَقْضِ شَعْرِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إمَاطَةِ الْأَذَى.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ يُرِيدُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى عُمْرَتِهَا الَّتِي قَدْ أَحْرَمَتْ بِهَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعِي الْعُمْرَةَ دَعِي الْعَمَلَ بِهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إحْرَامُهَا بِهَا مِنْ إفْرَادِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ دَعِي الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَلِلْعُمْرَةِ إذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِالْحَيْضِ حَتَّى تَطُوفَ وَتَسْعَى لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَوَافًا وَاحِدًا أَوْ سَعْيًا وَاحِدًا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهَا فَلَمَّا قَضَيْت الْحَجَّ ذَكَرْت قَضَاءَ الْحَجِّ لِأَنَّهُ أَتَمُّ مَا يُفْعَلُ مِنْ النُّسُكَيْنِ نُسُكِ الْحَجِّ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>