للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنْ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ) .

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَفَلَ مِنْ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ عُمْرَةٍ يُرِيدُ يَرْجِعُ إلَى الْمَدِينَةِ مَوْضِعَ اسْتِيطَانِهِ وَمَقَامِهِ وَالْقُفُولُ هُوَ الْإِيَابُ وَلَا يُسَمَّى الْمُتَوَجِّهُ مِنْ بَلَدِهِ قَافِلًا وَإِنَّمَا يُسَمَّى بِذَلِكَ الرَّاجِعُ إلَيْهِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ سَفَرٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ السِّفَارَةُ فِي أَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَكَانَ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنْ الْأَرْضِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَمُوَاظَبَةً عَلَى ذِكْرِهِ وَإِظْهَارًا لِكَلِمَتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَخُصُّ بِذَلِكَ الشَّرَفَ لِأَنَّ مِنْهُ يَرَى مِنْ الْأَرْضِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ بَصَرُهُ فَكَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا يَرَى مِنْ الْأَرْضِ مِمَّا فَتَحَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَسْتَقْبِلُهُ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّعْظِيمِ وَلِأَنَّ مَا شُرِعَ فِيهِ الْإِعْلَانُ مِنْ الذِّكْرِ فَالْأَحَقُّ بِهِ مَا عَلَا مِنْ الْأَرْضِ كَالْآذَانِ وَالتَّلْبِيَةِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إظْهَارًا لِلذِّكْرِ وَفِي تَخْصِيصِ الْمُطْمَئِنِّ بِهِ مِنْ الْأَرْضِ ضَرْبٌ مِنْ التَّسَتُّرِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» إظْهَارٌ لِلتَّوْحِيدِ وَإِعْلَامٌ بِهِ وَاسْتِدَامَةٌ لِلْإِيمَانِ بِهِ وَقَوْلُهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ تَخْصِيصٌ لَهُ بِالْمُلْكِ وَالْحَمْدِ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْجِنْسِ فَجُعِلَ جِنْسُ الْمُلْكِ وَهُوَ جَمِيعُهُ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا مُلْكَ لِأَحَدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ إلَّا لَهُ وَجَعَلَ جَمِيعَ الْحَمْدِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ أَحَدًا لَا يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ عَلَى الْحَقِيقَةِ سِوَاهُ وَإِنَّمَا يُحْمَدُ غَيْرُهُ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُحْمَدَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» إعْلَامٌ أَنَّهُ هُوَ الْقَدِيرُ عَلَى مَا كَانَ يَعِدُهُمْ بِهِ مِنْ نَصْرِ عَبْدِهِ وَإِظْهَارِهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَإِذْكَارٍ لَهُمْ بِمَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ مِنْ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ تَعَالَى وَإِنَّهُ لَا يُغْلَبُ مَنْ نَصَرَهُ وَلَا يُنْصَرُ مَنْ حَارَبَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «آيِبُونَ تَائِبُونَ يُرِيدُ» - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ آيِبُونَ مِنْ سَفَرِهِمْ تَائِبُونَ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ كُلِّ مَا نَهَى عَنْهُ عَابِدُونَ لَهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ سَاجِدُونَ لَهُ حَامِدُونَ عَلَى مَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ وَالْحِفْظِ فِي السَّفَرِ وَالْعَوْنِ عَلَيْهِ وَالتَّوْفِيقِ لِلصَّوَابِ فِي جَمِيعِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ» يُرِيدُ اللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ الصَّادِقُ فِي وَعْدِهِ لِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَصْرِهِ وَتَأْيِيدِهِ وَعِصْمَتِهِ مِنْ النَّاسِ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ يُرِيدُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ تَعَالَى الْمُنْفَرِدُ بِإِعْزَازِ دِينِهِ وَإِهْلَاكِ عَدُوِّهِ وَغَلَبَةِ الْأَحْزَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ وَالْمَوَاطِنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّتِهَا فَقِيلَ لَهَا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَتْ بِضَبْعَيْ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ» )

ــ

[المنتقى]

الْمَشْرُوعُ وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ رَفْعَ الْحَرَجِ فِي تَقْدِيمِ شَيْءٍ وَلَا تَأْخِيرِهِ عَنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّنَا لَا نَدْرِي عَنْ أَيِّ شَيْءٍ غَيْرِهِمَا سُئِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَجَوَابُهُ إنَّمَا كَانَ عَنْ سُؤَالِ السَّائِلِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُهُ كَمَا لَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ انْحَرْ وَلَا حَرَجَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ وَلَمْ يَجِبْ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّتِهَا ذَكَرَ إنَّ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقِيلَ لَهَا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَقَدْ كَانَتْ فِيمَنْ آمَنَ بِهِ وَلَمْ تَرَهُ وَلَمْ تَعْرِفْ عَيْنَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>