للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدِمَ الْكُوفَةَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ أَمِيرُهَا فَرَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ سَلْ أَبَاك إذَا قَدِمْت عَلَيْهِ فَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ فَنَسِيَ أَنْ يَسْأَلَ أَبَاهُ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ سَعْدُ فَقَالَ أَسَأَلْت أَبَاك فَقَالَ لَا فَسَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إذَا أَدْخَلْت رِجْلَيْك فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ بِطُهْرِ الْوُضُوءِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَإِنْ جَاءَ أَحَدُنَا مِنْ الْغَائِطِ قَالَ عُمَرُ نَعَمْ وَإِنْ جَاءَ أَحَدُكُمْ مِنْ الْغَائِطِ) .

ــ

[المنتقى]

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ يُرِيدُ الرَّكْعَةَ الَّتِي أَدْرَكَهَا مَعَهُمْ وَرُوِيَ أَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَقَوْلُهُ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاتَهُ قَالَ أَحْسَنْتُمْ يُرِيدُ أَنَّهُ قَضَى مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ بَعْدَ سَلَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُمْ أَحْسَنْتُمْ عَلَى سَبِيلِ التَّأْنِيسِ لَهُمْ وَالْإِمْضَاءِ لَفِعْلِهِمْ.

(ش) : إنْكَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي الْحَضَرِ وَهُوَ أَمِيرُ الْبَلْدَةِ عَلَى مَا عَلِمَ مِنْ حَالِ الصَّحَابَةِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَا يَهَابُونَ فِي ذَلِكَ أَمِيرًا وَلَا غَيْرَهُ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ عُلِمَ مِنْ فَضْلِ سَعْدٍ الْمُسَارَعَةُ إلَى مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ الصَّوَابِ وَيَدُلُّ إنْكَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ أَبَاهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ بِالْمَدِينَةِ يَمْسَحُونَ مَعَ تَجْوِيزِهِمْ لَهُ أَخْذًا بِالْأَفْضَلِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ إذَا قَدِمْت فَسَلْ أَبَاك يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ عَلِمَ مِنْ عُمَرَ مُوَافَقَتُهُ فِي ذَلِكَ إمَّا بِمُفَاوَضَةٍ فِي هَذَا الْحُكْمِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ مَا عِنْدَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ فَنَسِيَ أَنْ يَسْأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ سَعْدٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ إنَّمَا أَغْفَلَ سُؤَالَ أَبِيهِ لِأَنَّهُ سَكَنَ وَوَثِقَ وَاسْتَغْنَى بِخَبَرِ سَعْدٍ فِي ذَلِكَ وَعَلِمَ فَضَلَهُ وَحِفْظَهُ وَصِدْقَهُ فَلَمَّا قَدِمَ سَعْدٌ وَأَمَرَهُ بِالسُّؤَالِ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ إمَّا لِيُعْلِمَ أَبَاهُ بِمَا ظَهَرَ إلَيْهِ وَوَصَلَ إلَيْهِ مِنْ عِلْمِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ وَإِمَّا لِيَطْلُبَ زِيَادَةً إنْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَأَخْبَرَهُ عُمَرُ بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ سَعْدٌ.

وَقَالَ لَهُ إذَا أَدْخَلْت رِجْلَيْك فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا فَجَعَلَ طَهَارَةَ الرِّجْلَيْنِ عِنْدَ إدْخَالِهِمَا فِي الْخُفَّيْنِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَإِنْ جَاءَ أَحَدُنَا مِنْ الْغَائِطِ تَثْبِيتًا فِي الْأَمْرِ وَتَقْرِيرًا لَهُ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ دُونَ طَهَارَةِ الْفَضِيلَةِ فَأَجَابَهُ عُمَرَ بِأَنَّ ذَلِكَ لِمَنْ تَطَهَّرَ عَنْ حَدَثٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ لَبِسَ خُفَّيْهِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَإِنْ لَبِسَهُمَا بَعْدَ أَنْ صَلَّى لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِمَا قَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَبِسَهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَعْنَاهُ.

وَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ لَبِسَ خُفَّيْهِ بِطَهَارَةٍ يَسْتَبِيحُ بِهَا الصَّلَاةَ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَبِيحَ بِهَا الْمَاءَ كَالْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا أَحَدُ حَالَتَيْ التَّيَمُّمِ فَلَمْ يَسْتَبِحْ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَصْلُهُ إذَا لَبِسَهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَاحْتَجَّ مُطَرِّفُ وَصَاحِبَاهُ بِأَنَّ مُنْتَهَى طُهْرِ التَّيَمُّمِ فَرَاغُ تِلْكَ الصَّلَاةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مُدَّةَ الْمَسْحِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا الْبَغْدَادِيِّينَ فِي الرِّسَالَةِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى مَالِكٍ فِي التَّوْقِيتِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ عَنْهُ وَفِيهَا أَحَادِيثُ لَا تَصِحُّ عَنْهُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ أَنْ يَمْسَحَا وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مِنْ الْأَيَّامِ.

وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ حَدُّهُ لِلْحَاضِرِ مِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ خَلْعُهَا لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ.

وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>