للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) :.

(مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّهُ عَقَّ عَنْ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَعُقُّ عَنْ بَنِيهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِشَاةٍ شَاةٍ) .

(ص) : (وَقَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَقِيقَةِ أَنَّهُ مَنْ عَقَّ فَإِنَّمَا يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ بِشَاةٍ شَاةٍ عَنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَلَيْسَتْ الْعَقِيقَةُ بِوَاجِبَةٍ وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا وَهِيَ مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا فَمَنْ عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ فَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ النُّسُكِ وَالضَّحَايَا لَا يَجُوزُ فِيهَا عَوْرَاءُ وَلَا عَجْفَاءُ وَلَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ وَلَا مَرِيضَةٌ وَلَا يُبَاعُ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ وَلَا جِلْدِهَا وَتُكْسَرُ عِظَامُهَا وَيَأْكُلُ أَهْلُهَا مِنْ لَحْمِهَا وَيَتَصَدَّقُونَ مِنْهَا وَلَا يُمَسُّ الصَّبِيُّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا) .

ــ

[المنتقى]

قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ الْمَعْزُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا يُعَقُّ بِشَيْءٍ مِنْ الْإِبِلِ وَلَا الْبَقَرِ وَإِنَّمَا الْعَقِيقَةُ بِالضَّأْنِ وَالْمَاعِزِ وَهُوَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ هَذَا نُسُكٌ فَكَانَ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِيهِ مَدْخَلٌ كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ بِشَاةٍ شَاةٍ» وَأَفْعَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْوُجُوبِ إمَّا فِي وُجُوبِ الْفِعْلِ وَإِمَّا فِي تَعَلُّقِهِ بِجِنْسِ الْعَيْنِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْمُسِنُّ الَّذِي يُجْزِي فِي الْعَقِيقَةِ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْأَنْعَامِ هُوَ الْمُسِنُّ الَّذِي يُجْزِي فِي الضَّحَايَا رَوَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهَذَا فِي شَاةِ النُّسُكِ وَأَمَّا مَا يَكْثُرُ بِهِ الطَّعَامُ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ جِنْسٌ وَلَا سِنٌّ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ: ذَبَحْت عَنْ وَلَدِي عَقِيقَةً فَذَبَحْت مِنْ اللَّيْلِ مَا أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ إلَيْهِ إخْوَانِي وَغَيْرَهُمْ فَلَمَّا كَانَ ضُحًى ذَبَحْت شَاةَ الْعَقِيقَةِ فَأَهْدَيْت مِنْهَا لِلْجِيرَانِ وَأَكَلَ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ (ص) :.

(مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّهُ عَقَّ عَنْ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ» ) .

(ش) : قَوْلُهُ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ سُنَّةٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ السُّنَّةُ الَّتِي يَلْزَمُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ فَمِثْلُ هَذَا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَالِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ فَإِذَا أَقَرَّ عَلَيْهِ ثَبَتَ جَوَازُهُ.

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يَعُقُّ عَنْ بَنِيهِ الذُّكُورِ بِشَاةٍ شَاةٍ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فِي ذَلِكَ وَيَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِيهَا وَلَا يُضَحِّي عَنْ ابْنَيْنِ بِشَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا بِشَاتَيْنِ يُشْرِكُ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ وَقَدْ رَوَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ نُسُكٌ فَلَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ كَالْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ تَوْأَمَيْنِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَاةٍ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ فَإِنَّمَا يَعُقُّ عَنْهُمْ بِشَاةٍ شَاةٍ لِأَنَّهُ سُنَّةُ الْعَقِيقَةِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَقَوْلُهُ فَمَنْ عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ فَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ النُّسُكِ مِنْ الضَّحَايَا لَا تُجْزِي فِيهَا عَوْرَاءُ وَلَا عَجْفَاءُ يُرِيدُ أَنَّ حُكْمَهَا فِي سَلَامَتِهَا مِنْ الْعُيُوبِ حُكْمُ الضَّحَايَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ نُسُكٌ مُتَقَرَّبٌ بِهِ فَشُرِعَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ فِيهِ مِنْ الْعُيُوبِ كَالضَّحَايَا.

١ -

(فَرْعٌ) وَمَنْ وَجَدَهَا بَعْدَ أَنْ ذَبَحَهَا مَعِيبَةً عَيْبًا يَمْنَعُ إجْزَاءَهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: فَعِنْدِي أَنَّهُ يَلْزَمُ بَدَلُهَا مَا لَمْ يَفُتْ وَقْتُهَا وَإِنْ فَاتَ وَقْتُهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ وَحُكْمُ لَحْمِهَا حُكْمُ لَحْمِ أُضْحِيَّةٍ ذَبَحَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا مَا يَمْنَعُ إجْزَاءَهَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ لَحْمِهَا وَلَا جِلْدِهَا لِأَنَّهُ بَعْدَ الذَّبْحِ لَا يَبْقَى فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمِلْكِ أَكْثَرُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَالتَّصَدُّقِ فَإِمَّا أَنْ يَجُوزَ لَهُ بَعْدَ أَنْ نَسَكَ بِهَا أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْهَا فَلَا وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي تَفْرِيعِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَتُكْسَرُ عِظَامُهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنَّمَا قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إذَا عَقُّوا عَنْ الْمَوْلُودِ لَمْ يَكْسِرُوا الْعِظَامَ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْعَقِيقَةُ تُفْصَلُ مِنْ مَفْصِلٍ إلَى مَفْصِلٍ فَأَتَى الْإِسْلَامُ بِالرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ إنْ أَحَبَّ أَهْلُهَا يَصْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا وَافَقَهُمْ وَفِي الْجُمْلَةِ أَنَّ كَسْرَ عِظَامِهَا لَيْسَ بِلَازِمٍ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ تَحَرِّي الِامْتِنَاعِ مِنْهُ وَالْعَقِيقَةُ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ الذَّبَائِحِ وَرُبَّمَا كَانَ لَهَا مَزِيَّةُ الْمُخَالَفَةِ لِفِعْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>