للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

ذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي تَحْرِيمِهِ كَجُلُودِ السِّبَاعِ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالصَّلَاةِ فِيهَا إذَا ذُكِّيَتْ وَإِنْ لَمْ تُدْبَغْ إذَا غُسِلَتْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ الْعَادِيَةِ: لَا تُبَاعُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا وَلَا تُلْبَسُ وَإِنْ ذُكِّيَتْ وَيُنْتَفَعُ بِهَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ فَعَلَى رِوَايَةِ التَّحْرِيمِ وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى رِوَايَةِ نَفْيِ التَّحْرِيمِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى رِوَايَةِ التَّحْرِيمِ لَمَّا كَانَ تَحْرِيمًا مُخْتَلَفًا فِيهِ وَأَمَّا السِّبَاعُ الَّتِي لَا تَعْدُو كَالْهِرِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلِبَاسُهَا وَالصَّلَاةُ فِيهَا إذَا ذُكِّيَتْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَطْهُرُ جُلُودُ السِّبَاعِ بِالذَّكَاةِ غَيْرَ الضَّبُعِ وَتَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ غَيْرَ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] إلَى قَوْله تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] فَاسْتَثْنَى الْمُذَكَّى فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ إنَّ هَذَا جِلْدٌ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ فَوَجَبَ أَنْ يَطْهُرَ بِالذَّكَاةِ كَجِلْدِ الضَّبُعِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا جِلْدُ الْفَرَسِ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا يُصَلَّى بِهِ وَإِنْ ذُبِحَ وَدُبِغَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ.

وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ جِلْدُ حَيَوَانٍ مَكْرُوهٍ لَا مُحَرَّمٍ فَيَتَخَرَّجُ مِنْ هَذَا إنَّ جِلْدَ الْحَيَوَانِ الْمَكْرُوهِ لَحْمُهُ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا يُسْتَبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ بِذَكَاةٍ وَلَا دِبَاغٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ ذَكَاتَهَا لِلذَّرِيعَةِ إلَى أَكْلِ لُحُومِهَا فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لَمَّا كَانَتْ كَثِيرَةَ التَّكَرُّرِ وَالْوُجُودِ لَا لِعَيْنِهَا وَأَمَّا جُلُودُ السِّبَاعِ فَقَدْ أَجَازَ بَيْعَهَا وَالصَّلَاةَ بِهَا إذَا ذُكِّيَتْ وَإِنْ لَمْ تُدْبَغْ وَذَلِكَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ لُحُومُهَا مَوْجُودَةً فَلَمْ يُخَفْ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْمَالُ جُلُودِهَا ذَرِيعَةً إلَى أَكْلِهَا فَتَأَكَّدَتْ عِنْدَهُ كَرَاهِيَةُ لُحُومِ الْخَيْلِ وَجُلُودِهَا لَمَّا خَافَ الذَّرِيعَةَ إلَى أَكْلِهَا وَلَا يَمْتَنِعُ مِثْلُ هَذَا فِي الشَّرِيعَةِ فَإِنَّ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ مُحَرَّمٌ كَلَحْمِ الْمَيْتَةِ وَكَالْخَمْرِ ثُمَّ شُرِعَ الْحَدُّ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ لِمَا خِيفَ التَّسَرُّعُ إلَيْهَا وَلَمْ يُشْرَعْ الْحَدُّ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَلَا أَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَمَّا لَمْ يُخَفْ التَّسَرُّعُ إلَيْهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي جِلْدِ الْفَرَسِ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لَحْمُهُ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ جِلْدُهُ طَاهِرًا كَجُلُودِ السِّبَاعِ الَّتِي لَا تَعْدُو.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا جِلْدُ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا يُصَلَّى بِجِلْدِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ دُبِغَ وَذُبِحَ وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ ذَكَاتَهَا لِلذَّرِيعَةِ إلَى أَكْلِ لُحُومِهَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا عِنْدَهُ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ وَيَحْتَمِلُ عَلَى تَوْجِيهِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فِيهَا كَالْقَوْلِ فِي جِلْدِ الْفَرَسِ وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ التَّحْرِيمِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ جِلْدُهَا مَمْنُوعًا قَوْلًا وَاحِدًا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَظْمَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ مَالِكًا نَهَى عَنْ الِانْتِفَاعِ بِعَظْمِ الْمَيْتَةِ وَالْفِيلِ وَالْأَدْهَانِ فِيهِ وَلَمْ يُطْلِقْ تَحْرِيمَهَا لِأَنَّ رَبِيعَةَ وَابْنَ شِهَابٍ أَجَازَ الِامْتِشَاطَ بِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ وَهْبٍ وَأَصْبَغُ فَأَمَّا ابْنُ وَهْبٍ وَأَصْبَغُ فَإِنَّهُمَا رَاعَيَا تَغْلِيَتَهَا بِالْمَاءِ وَجَعَلَا ذَلِكَ كَالدِّبَاغِ فِيهَا يُطَهِّرُهَا كَمَا يُطَهِّرُ الْجِلْدَ الدِّبَاغُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْجُسُ عِنْدَهُمَا بِالْمَوْتِ فَلَمْ أَرَ مَالِكًا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْهُ رَاعَى ذَلِكَ فِيهَا وَكَذَلِكَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرُّوحَ يَحِلُّ الْعَظْمَ أَوْ لَا يَحِلُّهُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ هُوَ الْأَصْلُ غَيْرُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ فَإِنَّهُمَا جَعَلَاهُ مِمَّا تَحِلُّهُ الرُّوحُ وَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الرُّوحَ يَحِلُّهُ وَأَنَّهُ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ قَوْله تَعَالَى {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: ٧٨] الْآيَةُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ مَا يَنْجُسُ لَحْمُهُ بِالْمَوْتِ يَنْجُسُ بِهِ عَظْمُهُ كَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ جُزْءٌ لَا يَأْلَمُ الْحَيَوَانُ مِنْهُ فَلَمْ يَنْجُسْ بِالْمَوْتِ أَصْلُ ذَلِكَ الشَّعْرُ وَقَالَ الشَّيْخُ: لَمْ يَحْرُمْ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي مَوْتِهَا وَقَالَ رَبِيعَةُ: إنَّمَا يُنْتَفَعُ مِنْ عَظْمِ الْفِيلِ بِالنَّابِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا لَحْمَ عَلَيْهِ وَلَا دَسَمَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ كَعُودٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>