للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالُوا لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنَّا نَبْتَاعُ مِنْ ثَمَرِ النَّخِيلِ وَالْعِنَبِ فَنَعْصِرُهُ خَمْرًا فَنَبِيعُهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتَهُ وَمَنْ سَمِعَ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إنِّي لَا آمُرُكُمْ أَنْ تَبِيعُوهَا وَلَا تَبْتَاعُوهَا وَلَا تَعْصِرُوهَا وَلَا تَشْرَبُوهَا وَلَا تَسْقُوهَا فَإِنَّهَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) .

ــ

[المنتقى]

شُرْبَهُ.

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ سَأَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالُوا: إنَّا نَبْتَاعُ مِنْ ثَمَرِ النَّخِيلِ وَالْعِنَبِ فَنَعْصِرُهُ خَمْرًا فَنَبِيعُهَا تَصْرِيحٌ بِعَصْرِ الْخَمْرِ وَبَيْعُهُ فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَلَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ فِي مَنْعِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلَّذِي أَهْدَى إلَيْهِ رَاوِيَةَ خَمْرٍ: إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا» وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتَهُ وَمَنْ سَمِعَ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إنِّي لَا آمُرُكُمْ أَنْ تَبِيعُوهَا وَلَا تَبْتَاعُوهَا أَيْ إنِّي لَا أَتْرُكُكُمْ إلَى التِّجَارَةِ فِيهَا وَطَلَبِ الرِّزْقِ بِبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا كَمَا آمُرُكُمْ بِطَلَبِ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الْأَمْرُ فِي مِثْلِ هَذَا بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ إنِّي لَا أُبِيحُ لَكُمْ وَهَذَا مِمَّا اُتُّفِقَ عَلَى مَنْعِ بَيْعِهِ وَابْتِيَاعِهِ فَإِنْ بَاعَهَا أَحَدٌ مِنْ أَحَدٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَبِيعَهَا مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمٌ مِنْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ فَإِنْ بَاعَهَا مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمٌ مِنْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَعْثُرَ عَلَى ذَلِكَ وَالْخَمْرُ قَائِمَةٌ أَوْ كَانَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُفْسَخُ الشِّرَاءُ وَتُكْسَرُ حَيْثُ وُجِدَتْ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ إلَى الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ دَفَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا» فَوَجَبَ كَسْرُهَا حَيْثُ وُجِدَتْ وَرُدَّ الثَّمَنُ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ مَالٍ عِوَضًا مِنْ الْخَمْرِ وَكَانَ الْخَمْرُ إنَّمَا كُسِرَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ.

١ -

(فَرْعٌ) وَإِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنَّهُ قَدْ فَاتَ مَوْضِعُ الْفَسْخِ وَيُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ وَيُفَرَّقُ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ وَيُعَاقَبَانِ عُقُوبَةً مُوجِعَةً بِبَيْعِهَا وَابْتِيَاعِهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ بَاعَهَا مُسْلِمٌ مِنْ نَصْرَانِيٍّ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَعْثُرَ عَلَى ذَلِكَ وَهِيَ قَائِمَةٌ أَوْ بَعْدَ أَنْ فَاتَتْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فَإِنْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ وَالْخَمْرُ قَلِيلَةٌ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي النَّصْرَانِيِّ كُسِرَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ وَرُدَّ الثَّمَنُ عَلَى النَّصْرَانِيِّ.

(فَرْعٌ) وَإِنْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ فَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أُخِذَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ أَوْ مِنْ النَّصْرَانِيِّ إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ لِأَنَّهُ ثَمَنُ حَرَامٍ وَفُرِّقَ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ وَفِيهَا اخْتِلَافٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ بَاعَهَا نَصْرَانِيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَعْثُرَ عَلَى ذَلِكَ وَهِيَ قَائِمَةٌ أَوْ بَعْدَ أَنْ فَاتَتْ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي يَدِ النَّصْرَانِيِّ قَدْ أَبْرَزَهَا لِلْمُسْلِمِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ: تُكْسَرُ عَلَيْهِ عُقُوبَةً لَهُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ عَلَى الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ إنْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ قَدْ قَبَضَهَا كُسِرَتْ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ لَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ سَقَطَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ النَّصْرَانِيُّ قَدْ قَبَضَهُ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ الثَّمَنُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: إنَّمَا قَالَ: إنَّ الْخَمْرَ تُكْسَرُ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهَا وَلَا إمْسَاكُهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ دَفَعَ الثَّمَنَ لَمْ يُرَدَّ إلَيْهِ أَدَبًا لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ بِقَبْضِ النَّصْرَانِيِّ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقَدَ كُسِرَتْ الْخَمْرُ بِيَدِهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَمْ يُدْفَعْ الثَّمَنُ إلَى النَّصْرَانِيِّ عُقُوبَةً لَهُ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ يُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَيُتَصَدَّقُ بِهِ وَإِلَّا تُدْفَعُ إلَى النَّصْرَانِيِّ.

(فَرْعٌ) وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ قَدْ قَبَضَ الْخَمْرَ فَفَاتَتْ عِنْدَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ كَانَ الثَّمَنُ بَقِيَ عِنْدَهُ قُبِضَ مِنْهُ وَدُفِعَ إلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ وَيُعَاقَبَانِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ صَارَ إلَى النَّصْرَانِيِّ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا تَعْصِرُوهَا وَلَا تَشْرَبُوهَا وَلَا تَسْقُوهَا فَإِنَّهَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَى مَنْعِ كُلِّ تَصَرُّفٍ مَقْصُودٍ فِيهَا وَعُمِلَ لَهَا ثُمَّ بَيَّنَ عِلَّةَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا رِجْسٌ وَأَنَّهَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ يُرِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>