للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ وَيُجْعَلُ الْأَكْبَرُ مِنْهُمَا مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَالٌ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأْيٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي فَجَاءَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَحَفَنَ لَهُ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ)

ــ

[المنتقى]

فِيهِ إلَّا بِتَغَيُّرِ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ تُرِكَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لِيُحْشَرَ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأُمِيطَتْ يَدُهُ عَنْ جُرْحِهِ ثُمَّ أُرْسِلَتْ فَرَجَعَتْ كَمَا كَانَتْ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ بَقِيَتْ رُطُوبَةُ أَعْضَائِهِ وَلِينُهَا وَلَوْ نَشَفَتْ وَذَهَبَتْ رُطُوبَتُهَا لَمَا أَمْكَنَ إزَالَةُ يَدِهِ مِنْ مَكَانِهَا إلَّا بِكَسْرِ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَصَرْفِهَا إلَى صُورَةٍ تَمْنَعُ رُجُوعَهَا إلَى مَكَانِهَا إذَا تُرِكَتْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ بَيْنَ وَقْتِ دَفْنِهِمَا وَوَقْتِ الْحَفْرِ عَنْهُمَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً وَهَذِهِ مُدَّةٌ لَا يَكَادُ يَبْقَى مَعَهَا الْمَيِّتُ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ الْأَحْوَالِ بَقِيَّةُ رُطُوبَةٍ وَلَا اتِّصَالُ أَعْضَاءٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ وَيُجْعَلُ الْأَكْبَرُ مِنْهُمَا مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ) .

(ش) : قَوْلُهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفْعَلُ إلَّا مِنْ ضِرْوَةٍ وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُكَفَّنَانِ فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَلِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ حَظُّهُ مِنْ الْإِسَاءَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَكَذَلِكَ يُدْفَنَانِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ وَيُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ الْأَكْبَرُ وَيُجْعَلُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَهَذَا مَعْنَى التَّقْدِيمِ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ أَفْضَلُهُمَا.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ أَكْثَرَهُمَا قُرْآنًا» وَهَذَا كُلُّهُ يَعُودُ إلَى مَعْنَى الْفَضِيلَةِ فَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْفَضِيلَةِ قُدِّمَ أَكْبَرُهُمَا لِأَنَّ لِلسِّنِّ حَقًّا وَفَضِيلَةً وَرَوَى مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَجْعَلُ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ ثُمَّ نَجْعَلُ بَعْدَهُمْ الصِّبْيَانَ ثُمَّ نَجْعَلُ بَعْدَهُمْ النِّسَاءَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا دُفِنَ رَجُلَانِ فِي الْقَبْرِ لَمْ يُجْعَلْ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ التُّرَابِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا التَّضْيِيقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَالٌ مِنْ الْبَحْرَيْنِ يُرِيدُ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَمَا يُنْقَلُ إلَى بَيْتِ مَالِهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ الَّتِي عَلَى الْجَمَاجِمِ وَخَرَاجِ الْأَرْضِ وَعُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا تَجَرُوا مِنْ أُفُقٍ إلَى أُفُقٍ وَالرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ إذَا أُخِذَ مِنْهُ الْخُمُسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ عُشُورٍ أَوْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَهَذَا عِنْدِي لَاحِقٌ بِذَلِكَ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُنْقَلَ إلَى الْمَدِينَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنْ يُنْقَلَ إلَيْهَا بَعْدَ سَدِّ خَلَّةِ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ الَّتِي يُجْبَى فِيهَا ذَلِكَ الْمَالُ فَهَذَا حُكْمُ كُلِّ مَالٍ يُجْبَى فِي جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى حَالِ تِلْكَ الْجِهَةِ الَّتِي جَبَى فِيهَا وَحَالَ سَائِرِ تِلْكَ الْجِهَاتِ فَإِنْ اسْتَوَتْ حَاجَتُهُمْ وَعَمَّتُهُمْ الشِّدَّةُ أَوْ السَّعَةُ فَرَّقَ حَيْثُ جَبَى، وَلَا يُنْقَلُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ شَيْءٌ مِنْهُ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ اخْتِصَاصُ الْجُبَاةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا مِنْ الْبِلَادِ أَحْوَجَ نُقِلَ إلَى غَيْرِهَا وَلَا يُعَدَّى مِنْهَا مَنْ جُبِيَتْ مِنْهُمْ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهِمْ فِي اسْتِحْقَاقِهِ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِهِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يُحْرَمُوا مِنْهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نَقْلُ بَعْضِهَا لِلْحَاجَةِ النَّازِلَةِ بِغَيْرِهِمْ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَبْعَثُ بِبَعْضِ صَدَقَاتِهِ إلَى الْمَدِينَةِ فَذَلِكَ صَوَابٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَرَى مَالِكًا خَصَّ الْمَدِينَةَ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا بَلَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ يُحْتَمَلُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْحَاجَةُ وَضِيقُ الْحَالِ.

وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الرَّجُلِ يُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِهِ فَيَبْلُغُهُ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَاجَةٌ فَيُرْسِلُ إلَيْهَا بِبَعْضِ زَكَاتِهِ مَا رَأَيْت بِذَلِكَ بَأْسًا وَرَأَيْته صَوَابًا.

(فَصْلٌ) :

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُنْقَلَ إلَى الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ بِهَا كَانَ الْإِنْفَاقُ وَاعَطَاءُ الْأَرْزَاقِ فَكَانَ يُنْقَلُ ذَلِكَ إلَى مَنْ يُرْزَقُ مِنْهُ بَعْدَ سَدِّ الثُّغُورِ الَّتِي كَانَ يُجْبَى مِنْهَا هَذَا الْمَالُ وَالتَّفْرِيقِ عَلَى أَهْلِهَا بِقَدْرِ مَا يُغْنِيهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>