للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ تَحْتَ الْيَهُودِيِّ أَوْ النَّصْرَانِيِّ تُسْلِمُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا: إنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ بِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ

ــ

[المنتقى]

وَلَمْ يُوَاجِهْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الزَّوْجَاتِ وَلَا الْأَوْلِيَاءَ وَلَوْ حُمِلَ قَوْلُهُ {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] عَلَى الْأَزْوَاجِ لَكَانَ قَدْ وَاجَهَهُمْ بِالْخِطَابِ ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْ الْغَائِبِ ثُمَّ قَالَ {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: ٢٣٧] فَعَادَ إلَى مُوَاجَهَتِهِمْ بِالْخِطَابِ وَهُوَ إنْ كَانَ سَائِغًا فَعَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ وَالْعُدُولِ عَنْ الظَّاهِرِ وَحَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْلَى حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْعُدُولِ بِهِ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ وَإِنَّمَا هِيَ لِتَفْضِيلِ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ عَلَى الْآخَرَ كَمَا نَقُولُ: عَفْوُ زَيْدٍ حَسَنٌ، وَعَفْوُ عَمْرٍو حَسَنٌ، وَعَفْوُ زَيْدٍ أَحْسَنُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قُلْتُمْ لَقَالَ {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: ٢٣٧] فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَأَنْ يَعْفُوا بِالْيَاءِ وَنَصْبُ الْوَاوِ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] وَعَلَى حُكْمِهِ فِي الْخِطَابِ عَنْ الْغَالِبِ، وَجَوَابُ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: ٢٣٧] إنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ عِنْدَنَا مُجَرَّدُ النَّدْبِ لِأَنَّ التَّفْضِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَقْدِ الزَّوْجَاتِ وَإِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ فَلَيْسَ يَمْنَعُ مَا قُلْنَاهُ وَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ {إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: ٢٣٧] يُرِيدُ الزَّوْجَاتِ أَوْ يَعْفُوَ الْوَلِيُّ وَأَنْ يَعْفُوَ الزَّوْجُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى فَيَكُونُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْعَفْوِ فَضِيلَةٌ وَلِعَفْوِ الزَّوْجِ مَزِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ وَاسْتِدْلَالٌ آخَرُ مِنْ الْآيَةِ وَهُوَ أَنَّ: قَوْله تَعَالَى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى النِّصْفِ الَّذِي يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] أَوْ إلَى النِّصْفِ الَّذِي لِلزَّوْجِ وَلَمْ يُجِزْ لَهُ فِي الْآيَةِ ذِكْرٌ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ عُدُولٌ عَنْ الظَّاهِرِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا وَلِيٌّ يَمْلِكُ الْإِجْبَارَ عَلَى النِّكَاحِ فَجَازَ أَنْ يَمْلِكَ إسْقَاطَ نِصْفِ الْمَهْرِ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَالسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْبِنْتِ وَلَا تَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى ابْنِهَا.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ الْكِتَابِيَّةَ إذَا أَسْلَمَتْ تَحْتَ الْكِتَابِيِّ فَلَا يَخْلُو أَنْ تُسْلِمَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تُسْلِمَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَهْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْقَبْضِ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا تَتَيَقَّنُ كَمَا لَوْ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ تَحْتَ الْعَبْدِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ وَجَدَتْ الزَّوْجَةُ بِالزَّوْجِ عَيْبًا فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْضِعٍ يَتَيَقَّنُ فِيهِ عُذْرُ الزَّوْجِ فَأَمَّا الْإِعْسَارُ بِالنَّفَقَةِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ عُسْرَهُ وَكَذَلِكَ الْمُعْتَرِضُ عَنْ امْرَأَتِهِ لِأَنَّهَا لَا تَتَيَقَّنُ وَلَعَلَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ إضْرَارًا بِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَ قَبْضِ الْمَهْرِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مِمَّا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهُ أَوْ مِمَّا لَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُهُ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَأَنْوَاعِ الطَّعَامِ رَدَّتْ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَى الزَّوْجِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا فُرْقَةٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ كَمَا لَمْ تَقْبِضْهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِمَّا قَبَضَتْهُ لَا نِصْفُ وَلَا غَيْرُهُ وَذَلِكَ سَاقِطٌ عَنْهَا لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا مُطَّرِدٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنَّ مَنْ أَتْلَفَ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا لِذِمِّيٍّ أَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا قِيمَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا ابْتَاعَ مِنْ نَصْرَانِيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الثَّمَنُ عِنْدِي.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ وَكَانَ الْمَهْرُ مِمَّا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِهِ وَأَخْذُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحِلُّ لَهَا تَمَلُّكُهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ وَهِيَ مُصِيبَةٌ حَلَّتْ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا تَمَلُّكُ شَيْءٍ مِنْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يُقْضَى لَهَا بِهِ وَلَا يُقْضَى لَهَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَبِحْ بُضْعَهَا إلَّا بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>