للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَالْعُرُوضِ وَضَرْبٌ لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَحْرَارِ مِنْ بَنِي آدَمَ فَأَمَّا مَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ فَإِنَّهُ عَلَى قِسْمَيْنِ مُعَيَّنٌ وَغَيْرُ مُعَيَّنٍ فَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ النِّكَاحِ بِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ عُذْرٌ غَالِبٌ وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَأَمَّا الْحَاضِرُ فَيَجُوزُ النِّكَاحُ بِهِ كَالنِّكَاحِ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مِنْ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ جُزَافًا أَوْ غَيْرَ جُزَافٍ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَأَمَّا مَا يَكُونُ فِيهِ عُذْرٌ غَالِبٌ كَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَإِنَّ الْقَاضِي أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ الْعَقْدِ بِهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ النِّكَاحِ بِمُعَيَّنٍ لَا يَمْلِكُهُ النَّاكِحُ كَدَارِ زَيْدٍ وَعَبْدِ عَمْرٍو رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ غَائِبَةً كَالْعَبْدِ الْغَائِبِ عَلَى مَسِيرَةِ شَهْرٍ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا جِدًّا كَخُرَاسَانَ وَالْأَنْدَلُسِ فَأَكْرَهُهُ لِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ إفْرِيقِيَةَ مِنْ الْمَدِينَةِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ مِمَّا لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ جَازَ دُخُولُ النَّاكِحِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فَإِنْ قَدَّمَ رُبْعَ دِينَارٍ وَإِنْ سَمَّاهُ مَعَ الْعَبْدِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ عَلَى مِثْلِ الشَّهْرِ وَالْعَشَرَةِ أَيَّامٍ جَازَ لِلنَّاكِحِ الْبِنَاءُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ رُبْعَ دِينَارٍ وَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ الْمُعَيَّنُ الْغَائِبُ وَالْأَرْضُ الْغَائِبَةُ إلَّا مَوْصُوفَةً قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ بَعُدَتْ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَنْزِلِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ إذَا عُدِمَتْ الرُّؤْيَةُ وَالصِّفَةُ كَانَ مَجْهُولًا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ ضَرْبٌ لَا يُسْتَدَامُ مِلْكُهُ وَضَرْبٌ لَا يُمْلَكُ جُمْلَةً وَضَرْبٌ ثَالِثٌ يُمْنَعُ مِنْ تَمَلُّكِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَأَمَّا مَا لَا يُسْتَدَامُ تَمَلُّكُهُ فَمِثْلُ أَنْ يَصْدُقَهَا أَبَاهَا وَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا مِنْ ابْنٍ أَوْ أَخٍ فَقَدْ رَوَى فِي الْمُخْتَصَرِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهُ بِالْعَقْدِ وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِوَضًا فِي النِّكَاحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ وَيُعْتَقُ عَلَيْهَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً لِأَنَّهُ لَمَّا أَصْدَقَهَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا فَقَدْ أَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَشْهَبَ وَأَصْبَغَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْهَرَهَا عَبْدًا يَكُونُ لِغَيْرِهَا لَا صَدَاقَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُعْتِقَ أَبَاهَا أَوْ أَحَدًا مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا وَهُوَ فِي مِلْكِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ النِّكَاحُ مَفْسُوخٌ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مِنْهُ شَيْئًا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِمَا لَا يَصِحُّ أَنْ تَمْلِكَهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْحُرِّ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَقْدُ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مَعْنًى لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا لِحَقِّ اللَّهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ فَاسِدًا كَالْبُضْعِ فِي نِكَاحِ الشِّغَارِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا بِحُرٍّ فَقَدْ رَوَى الْعُتْبِيُّ عَنْ أَصْبَغَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ إذَا عَرَفَا حُرِّيَّتَهُ وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُفْسَخْ وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونَ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُفْسَخُ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا يَصْلُحُ أَنْ تَمْلِكَهُ وَيَمْنَعُ مِنْهُ حَقُّ الْغَيْرِ كَالدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ كَالِابْنِ الصَّغِيرِ فِي وِلَايَتِهِ فَإِنَّ ابْنَ حَبِيبٍ قَالَ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا يَوْمَ الْإِمْهَارِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِلزَّوْجَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ وَذَلِكَ مِثْلُ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ سَوَاءٌ بَنَى بِهَا أَوْ لَمْ يَبْنِ قَرُبَ ذَلِكَ أَوْ بَعُدَ عَلِمَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ عَرَضًا كَانَ أَوْ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ وَيَتْبَعُ الِابْنُ الْأَبَ بِقِيمَةِ مَالِهِ فِيمَا حَكَمْنَا بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا فَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ هُوَ لِلْمَرْأَةِ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا شَيْءَ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَاوَضَ بِمَالِ ابْنِهِ الَّذِي يَلِيهِ فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ الْأَبِ وَغِنَاهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>