للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا هَلْ يَصِحُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَمَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا) .

ــ

[المنتقى]

فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «فَنَكَحَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا» يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا اعْتَرَضَ عَنْهَا وَمُنِعَ وَطْأَهَا فَارَقَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَارَقَهَا حِينَ لَمْ تُرِدْ الْبَقَاءَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ أَضَافَ الْفِرَاقَ إلَيْهِ لَمَّا كَانَ هُوَ الْفَاعِلُ لَهُ وَلَعَلَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِكَرَاهِيَتِهَا لِذَلِكَ بَادَرَ بِفِرَاقِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَأَجَّلَ فِي ذَلِكَ أَجَلًا أَوْ يُعَالِجَ مُدَاوَاةً أَوْ مُعَانَاةً.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اعْتَقَدَ أَنَّ الثَّلَاثَ لَمْ تُحَرِّمْهَا وَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ بَعْدُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] وَلَعَلَّهُ عَلِمَ أَنَّ الثَّلَاثَ تُحَرِّمُهَا وَظَنَّ أَنَّ عَقْدَ الزَّوْجِ عَلَيْهَا يَحِلُّهَا لَهُ فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَاهُ عَنْ نِكَاحِهَا وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْمَانِعَ لَهُ مِنْ نِكَاحِهَا بَاقٍ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ «لَا حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ» فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُحَلِّلَ إنَّمَا هُوَ الْوَطْءُ وَانْفَرَدَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بِقَوْلِهِ إنَّ عَقْدَ الثَّانِي يَحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطْءً وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ لِأَنَّهُ نَصَّ فِي مُخَالَفَةِ قَوْلِهِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الْعُسَيْلَةُ فِيمَا نَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اللَّذَّةُ وَمُجَاوَزَةُ الْخِتَانِ الْخِتَانَ وَرَوَى نَحْوَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ زَادَ ابْنُ مُزَيْنٍ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَانْفَرَدَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بِقَوْلِهِ لَا يُحِلُّهَا إلَّا الْوَطْءُ وَفِيهِ إنْزَالٌ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا هَلْ يَصِحُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَمَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا) .

(ش) : قَوْلُ عَائِشَةَ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا يَتَزَوَّجُهَا زَوْجٌ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا قَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ مُسْنَدًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالِاعْتِبَارُ فِي نِكَاحِ التَّحْلِيلِ بِنِيَّةِ الزَّوْجِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلِمَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا الْأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا فَإِذَا لَمْ يَنْوِ الزَّوْجُ الثَّانِي التَّحْلِيلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ التَّحْلِيلَ وَسَأَلَتْهُ لَمَّا دَخَلَ بِهَا الطَّلَاقَ أَوْ خَالَعَتْهُ بِمَالٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَضُرُّ الزَّوْجَ مَا نَوَتْ الزَّوْجَةُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ دُونَهَا.

(فَرْعٌ) وَالنِّيَّةُ الْمُصَحِّحَةُ لِلْعَقْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَإِنْ أَعْجَبَتْهُ أَمْسَكَهَا وَإِلَّا كَانَ قَدْ احْتَسَبَ فِي تَحْلِيلِهَا الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ لِمَا خَالَطَ نِكَاحَهُ مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ وَلَا تَحِلُّ بِذَلِكَ لِلْأَوَّلِ.

١ -

(فَرْعٌ) وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا لَا تَحِلُّ بِذَلِكَ لِمَنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَيْسَ فِيهِ مَسِيسٌ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِذَلِكَ حُكْمُ الْإِحْلَالِ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ لَا يَكُونُ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَكُونُ بِالْوَطْءِ لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِيهِ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ وَفَاةُ الزَّوْجِ يَقَعُ بِهَا كَمَالُ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الْإِحْلَالُ وَلَا الْإِحْصَانُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَهْرَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِبَاحَةِ الْعُضْوِ وَالْمُوَاصَلَةِ مُدَّةَ الْعُمْرِ فَإِذَا وُجِدَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا فَقَدْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُوَاصَلَةِ فَوَجَبَ جَمِيعُ الْمَهْرِ كَمَا يَجِبُ بِالْوَطْءِ وَأَمَّا إحْلَالُ الزَّوْجَةِ لِلْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ وَلَيْسَ فِي مَوْتِ الزَّوْجِ الثَّانِي مَعْنًى مِنْ مَعَانِي الْوَطْءِ فَتَحْصُلُ بِالْإِبَاحَةِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَهَذَا إنْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ بِعَدَمِ الْوَطْءِ فَإِنْ ادَّعَتْهُ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَدَّعِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ ادَّعَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَقَدْ هَلَكَ الزَّوْجُ الثَّانِي وَلَمْ يُعْلَمْ مَبِيتُهُ عِنْدَهَا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِذَلِكَ لِلْأَوَّلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ وَقَدْ بَنَى بِهَا الثَّانِي وَبَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً وَاحِدَةً وَمَاتَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا وَادَّعَتْ الْمَسِيسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>