للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْمَفْهُومَ مِنْهُ الْوَطْءُ كَمَا أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ عَلَى الطَّعَامِ فُهِمَ مِنْهُ اللِّبَاسُ فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلَى كُلِّ مَعْنًى مَقْصُودُهُ الْوَطْءُ فَأَمَّا الْوَطْءُ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ بِيَمِينٍ وَأَمَّا الْعَقْدُ الَّذِي مَقْصُودُهُ الْوَطْءُ فَإِنَّهُ النِّكَاحُ وَيُخَالِفُ فِي ذَلِكَ مِلْكَ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَمْلِكَ مَنْ لَا يَطَأُ كَالْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ مِنْ النَّسَبِ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ نِكَاحٍ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا لِلرَّجُلِ مِنْ النِّسَاءِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا مَا لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] وَالْعَمَّةُ مَعَ ابْنَةِ أَخِيهَا وَالْخَالَةُ مَعَ بِنْتِ أُخْتِهَا بِمَثَابَةِ الْأُخْتَيْنِ فِي ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأُخْتَيْنِ وَالْعَمَّةَ وَالْخَالَةَ مَعَ ابْنَةِ الْأَخِ وَابْنَةِ الْأُخْتِ مِمَّنْ يَلْزَمُ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ الْمُوَاصَلَةَ لِلرَّحِمِ الْقَرِيبَةِ الْوَشِيجَةِ وَغِيرَةُ الضَّرَائِرِ تُورِثُ الْقَطِيعَةَ وَتَمْنَعُ الْمُوَاصَلَةَ فَمُنِعَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِذَلِكَ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَا نَهَيْنَا عَنْهُ مِنْ الْقَطِيعَةِ وَمَانِعٌ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمَا مِنْ الْمُوَاصَلَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِالنِّكَاحِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَالثَّانِي أَنْ يَنْكِحَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ لَهُمَا جَمِيعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بَنَى بِهِمَا أَوْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يَبْنِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ مَنَعَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِذَا انْعَقَدَ نِكَاحُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ بِهِ فُسِخَ نِكَاحُهُ لَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْعَقْدِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَفْرَدَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ ثَبَتَ نِكَاحُ الْأُولَى وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ دَخَلَ بِهِمَا أَوْ بِإِحْدَاهُمَا كَانَتْ الْأُولَى أَوْ الْأُخْرَى قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ عَقْدَ الْأُولَى صَحِيحٌ لِأَنَّهُ عَرِيَ عَنْ الْفَسَادِ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَنِكَاحُ الْأُخْرَى فَاسِدٌ لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَلَمَّا اخْتَصَّ الْفَسَادُ بِنِكَاحِ الثَّانِيَةِ وَجَبَ أَنْ يُفْرِدَ بِالْفَسْخِ.

(فَرْعٌ) وَبِمَاذَا تُعْرَفُ الْأُولَى مِنْهُمَا إنْ شَهِدَ بِذَلِكَ الشُّهُودُ فَالْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَمْ يُوقِنُوا وَلَا عَلِمُوا الْأُولَى مِنْ الْأُخْرَى فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الزَّوْجَ مُصَدَّقٌ فِي تَعْيِينِ الْأُولَى مِنْ الْأُخْرَى وَيَنْزِلُ عَنْ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهَا الْأُخْرَى وَلَا شَيْءَ لَهَا إنْ كَانَ لَمْ يَمَسَّ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا عِنْدَنَا صَوَابٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَقَدْ شَهِدُوا بِصِحَّةِ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ وَفَسَادِ الْآخَرِ وَلَمْ يُعَيِّنُوا الْفَاسِدَ مِنْ الصَّحِيحِ فَلَمْ يَشْهَدُوا لِإِحْدَاهُمَا بِعَقْدٍ صَحِيحٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُعَيِّنُهُ غَيْرُ الزَّوْجِ قُبِلَ فِي ذَلِكَ تَعْيِينُهُ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي أَنَّ الْأُخْرَى لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا الْأُولَى لَلَزِمَ الزَّوْجُ الْيَمِينَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْ الْأُولَى نَفْسَ صَدَاقِهَا وَعِنْدِي أَنَّ فَسْخَ نِكَاحِهَا يَكُونُ طَلَاقًا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا إذَا مَلَكَ عِصْمَةَ إحْدَاهُمَا وَوَطِئَ الثَّانِيَةَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ عَقْدُ النِّكَاحِ هُوَ السَّابِقُ أَوْ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ عَقْدُ النِّكَاحِ هُوَ السَّابِقُ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ نَكَحَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ فَلَمْ يَبْنِ بِهَا حَتَّى وَطِئَ الثَّانِيَةَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَنَّهُ يُوقَفُ عَنْهَا حَتَّى يُحَرَّمَ فَرْجُ أَمَتِهِ عَلَيْهِ وَلَا يُفْسِدُ ذَلِكَ النِّكَاحَ وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ يَطَأُ الزَّوْجَةَ لِأَنَّ فَرْجَ أَمَتِهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ مُنْذُ عَقَدَ عَلَى أُخْتِهَا عَقْدَ نِكَاحٍ.

وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ مِنْهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْأُخْرَى فَوَجَبَ أَنْ يُوقَفَ عَنْهُمَا كَمَا لَوْ كَانَتَا أَمَتَيْنِ فَوَطِئَهُمَا وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ النِّكَاحَ فِي بَابِ الِاسْتِمْتَاعِ وَمَنْعُهُ أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْوَطْءُ وَمَقْصُودَ مِلْكِ الْيَمِينِ الْمِلْكُ دُونَ الْوَطْءِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا فَوَطِئَهَا لَمْ يُوقَفْ عَنْ الْأُولَى فَبِأَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْهُمَا إذَا وَطِئَ الثَّانِيَةَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْلَى وَأَحْرَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

<<  <  ج: ص:  >  >>