للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اسْتَفْتَى وَهُوَ بِالْكُوفَةِ عَنْ نِكَاحِ الْأُمِّ بَعْدَ الْبِنْتِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْبِنْتُ مُسَّتْ فَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ فَرَجَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَى الْكُوفَةِ فَلَمْ يَصِلْ إلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى أَتَى الرَّجُلَ الَّذِي أَفْتَاهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ) .

ــ

[المنتقى]

لِعَمْرٍو لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَحِلَّ مَحَلَّهُ فَتَقُولُ خُذْ مِنْ الْكَرِيمِ دِرْهَمًا فَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَقُولَ هَذَا غُلَامُ زَيْدٍ وَخُذْ مِنْ عَمْرٍو دِرْهَمًا الْكَرِيمَيْنِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحِلَّ مَحَلَّ زَيْدٍ الْمُضَافِ وَالْعَامِلُ فِيهِ مِنْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحِلَّ مَحَلَّ عُمَرَ وَالْمَخْفُوضِ بِمِنْ وَالْعَامِلُ فِيهِ الْإِضَافَةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا تَحْرُمُ الْمُعَاقَبَةُ بَيْنَهُمَا وَهُنَّ ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ اللَّاتِي لَيْسَ لِبَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ وِلَادَةٌ وَالضَّرْبُ الثَّانِي يَحْرُمُ الْجَمْعُ وَالْمُعَاقَبَةُ بَيْنَهُمَا وَهُنَّ ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ اللَّاتِي لِبَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ وِلَادَةٌ كَالْأُمِّ مَعَ بِنْتِهَا وَالْجَدَّةِ مَعَ جَدَّتِهَا فَهَؤُلَاءِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ وَطْءَ إحْدَاهُنَّ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ يُحَرِّمُ الْأُخْرَى عَلَى التَّأْبِيدِ وَهَلْ يُحَرِّمُهَا الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِهِ؟ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُنَّ وَسَنُبَيِّنُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اسْتَفْتَى وَهُوَ بِالْكُوفَةِ عَنْ نِكَاحِ الْأُمِّ بَعْدَ الْبِنْتِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْبِنْتُ مُسَّتْ فَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ فَرَجَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَى الْكُوفَةِ فَلَمْ يَصِلْ إلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى أَتَى الرَّجُلَ الَّذِي أَفْتَاهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ) .

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اسْتَفْتَى وَهُوَ بِالْكُوفَةِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرْسَلَهُ إلَى الْكُوفَةِ لِيُعَلِّمَهُمْ الْعِلْمَ وَيُفْتِي بَيْنَهُمْ فَاسْتُفْتِيَ هُنَاكَ عَنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فِي نِكَاحِ الْأُمِّ بَعْدَ الِابْنَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ الِابْنَةُ مُسَّتْ فَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ وَأَنَا أَحْسَبُ أَنَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ الزَّوْجَاتِ مِثْلُ الرَّبَائِبِ إنَّمَا ذَهَبُوا إلَى قِيَاسِ بَعْضِ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ النَّصُّ يُوجِبُهُ يُرِيدُ أَنَّ النَّصَّ لَا يَحْتَمِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَفْتَى فِي ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الرَّبَائِبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهِ الْقِيَاسِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ مَعَ اعْتِقَادِهِ صِحَّةَ مَا أَفْتَى بِهِ لِيَعْلَمَ مُوَافَقَةَ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ أَوْ مُخَالَفَتَهُمْ إيَّاهُ فَقَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ فِيمَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ مِنْ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ لِيَعْلَمَ مَا عِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ ظَهَرَ إلَيْهِ وَجْهُ الْمَسْأَلَةِ فَشَكَّ فِي فَتْوَاهُ عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إلَى الْمَدِينَةِ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَهُ لِيُظْهِرَ لَهُ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِكَثْرَةِ الْعُلَمَاءِ بِهَا يَرْجِعُ إلَيْهِمْ أَهْلُ الْآفَاقِ فِي الْفَتَاوَى لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَكَادُ يَخْفَى عَنْ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ مَعَ الْبَحْثِ وَالنَّظَرِ لِأَنَّ مَا قَصَرَ عَنْهُ أَحَدُهُمْ اسْتَدْرَكَهُ سَائِرُهُمْ وَأَمَّا الْوَاحِدُ فَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ بُلُوغُ الْمُرَادِ مِنْ النَّظَرِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ فِي حُكْمِهِ لِلْأُمِّ بَعْدَ الْعَقْدِ بِمِثْلِ حُكْمِهِ لِلْبِنْتِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ مِنْ اعْتِبَارِ الدُّخُولِ بِالْأُولَى وَذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ اعْتِبَارِ الدُّخُولِ إنَّمَا يَخْتَصُّ بِالرَّبَائِبِ دُونَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَرَجَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَى الْكُوفَةِ فَلَمْ يَصِلْ إلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى أَتَى الرَّجُلَ الَّذِي أَفْتَاهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ يُرِيدُ تَعْجِيلَ أَمْرِهِ لَهُ بِالْفِرَاقِ وَإِخْبَارَهُ بِمَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَنْزِلِهِ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَدْ ظَهَرَ إلَيْهِ وَجْهُ الصَّوَابِ فِي خِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ فَتَعَجَّلَ اسْتِدْرَاكَ الْأَمْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالْمُبَادَرَةُ إلَى مَنْعِهِ اسْتِدَامَةُ نِكَاحٍ مِنْ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بَاقِيًا عَلَى مَذْهَبِهِ غَيْرَ أَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَجْرِي عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فَلَزِمَهُ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَخْذُ بِهِ وَحَمْلُ النَّاسِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>