للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اغْتَسَلْت قَالَ فَاغْتَسَلَ وَغَسَلَ مَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ وَنَضَحَ مَا لَمْ يَرَ وَأَذَّنَ أَوْ أَقَامَ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ارْتِفَاعِ الضُّحَى مُتَمَكِّنًا)

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُهُ خَرَجْت مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إلَى الْجَرْفِ الْجَرْفُ مَوْضِعٌ وَقَوْلُهُ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ قَدْ احْتَلَمَ وَصَلَّى وَلَمْ يَغْتَسِلْ يُرِيدُ أَنَّهُ رَأَى فِي ثَوْبِهِ مِنْ أَثَرِ الْمَنِيِّ مَا دَلَّهُ عَلَى الِاحْتِلَامِ فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا أَرَانِي إلَّا وَقَدْ احْتَلَمْت وَمَا شَعَرْت ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ احْتِلَامَهُ جُمْلَةً وَقَوْلُهُ وَصَلَّيْت وَمَا اغْتَسَلْت يُرِيدُ أَنَّهُ فَعَلَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلَاةِ وَإِنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِلَامِ يُوجِبُ الْغُسْلَ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَلَى وَجْهِ اللَّذَّةِ كَخُرُوجِهِ حَالَ الْيَقِظَةِ بِمُلَاعَبَةٍ أَوْ تَذْكَارٍ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ أَنَّهُ جَامَعَ فِي نَوْمِهِ وَالْتَذَّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ مَنْ رَأَى الْمَنِيَّ فِي ثَوْبِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِأَنَّ الْغَالِبَ خُرُوجُهُ عَلَى وَجْهِ اللَّذَّةِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ حَالِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَقَدْ تَتَقَدَّمُ اللَّذَّةُ الْمَنِيَّ ثُمَّ يَخْرُجُ بَعْدَ سُكُونِهَا كَالرَّجُلِ يُلَاعِبُ أَهْلَهُ فَيَجِدُ اللَّذَّةَ الْكُبْرَى وَلَا يُنْزِلُ فَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي ثُمَّ يُنْزِلُ فَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مِنْ الْمَجْمُوعَةِ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ تُقَارِنْهُ لَذَّةٌ حَالَ خُرُوجِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غُسْلٌ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَاءَ انْفَصَلَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ بِاللَّذَّةِ وَذَلِكَ الْمُرَاعَى فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ دُونَ ظُهُورِهِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ مِنْ اللَّذَّةِ مَا قَارَنَ خُرُوجَ الْمَنِيِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمَنِيِّ فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَثُبُوتِ الْحَدَثِ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا حُكْمَ لَهُ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فَهَلْ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ رُوِيَ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَصْبَغَ يَغْتَسِلُ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ رَأَى أَنَّهُ احْتَلَمَ وَلَمْ يُنْزِلْ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَنْزَلَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ فَالرِّوَايَةُ الْأُولَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ رَاعَى اللَّذَّةَ حِينَ انْفِصَالِ الْمَاءِ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ فَصَلَّى عَلَى حَالِ جَنَابَةٍ لَمَّا لَمْ يَغْتَسِلْ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ جُنُبًا بِخُرُوجِ الْمَاءِ وَذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الصَّلَاةِ وَصِحَّتِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَمَعْنَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمَاءَ خَرَجَ بِلَذَّةٍ ثَانِيَةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ عِنْدَنَا ظَاهِرٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِ الْمَاءِ لَمْ يُجْزِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ جَامَعَ وَلَمْ يُنْزِلْ فَاغْتَسَلَ لِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَصَلَّى ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ وَقَدْ قَالَ أَيْضًا يُعِيدُ الْغُسْلَ وَحَكَاهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٌ مِنْ أَنَّهُ مَاءٌ اغْتَسَلَ لَهُ مَرَّتَيْنِ وَاحْتَجَّ لَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بِأَنَّهُ مَا خَرَجَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ اللَّذَّةَ الْكُبْرَى الَّتِي يُقَدَّرُ مَعَهَا انْفِصَالُ الْمَاءِ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ وَإِنَّمَا وَجَدَ لَذَّةَ الْإِنْعَاظِ خَاصَّةً وَالْمُبَاشَرَةِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي يُوجِبُ إعَادَةَ الْغُسْلِ إنْ وَجَدَ لَذَّةَ الْجِمَاعِ مَعَ وُجُودِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ وَهُوَ بِانْفِرَادِهِ حَدَثٌ وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ حَدَثٌ فَإِذَا اجْتَمَعَا تَدَاخَلَا وَإِذَا انْفَصِلَا لَزِمَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْغُسْلُ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَجِبُ بِهَذَا الْمَنِيِّ الْغُسْلُ فَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْوُضُوءَ فِيهِ وَاجِبٌ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هُوَ مُسْتَحَبٌّ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ الْفَرْجِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ وَالْعَادَةِ فَوَجَبَ بِهِ طَهَارَةٌ كَالْبَوْلِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا مَنِيٌّ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ الْوُضُوءُ كَمَنِيِّ السَّلَسِ وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَقَالَ آخَرُ يُعِيدُ الْغُسْلَ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَتَوْجِيهُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ كَاَلَّذِي تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>