للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمر، فلما سكت أردت أن أتكلم، وكنت قد زوّرت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بَعْضَ الحَدِّ، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رِسْلِكَ، فكرهت أن أُغضبه، فتكلم أبو بكر -وكان (١) هو أحلم مني وأوقر- واللَّه ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها، حتى سكت. فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يُعْرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش. هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيتُ لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أيهم (٢) شئتم، فأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا، فلم أكره مما قال غيرها، كان واللَّه أن أُقَدَّم فتضرب عنقي لا يُقَرِّبني ذلك من إثم، أحب إلى من أن أتأمَّر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تسوِّل لي (٣) نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن، فقال قائل من الأنصار: أنا جُزَيلُها المُحَكَّك، وعُذَيْقُها المُرَجَّب، منا أمير ومنكم أمير يا معاشر (٤) قريش. فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى فَرِقْتُ من الاختلاف فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعته الأنصار، ونزَوْنَا على سعد بن عُبادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، قلت: قتل اللَّه سعد بن عبادة. قال عمر: وإنَّا واللَّه ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلًا منهم بعدنا، فإما بايعناهم


(١) في "صحيح البخاري": "فكان".
(٢) في "صحيح البخاري": "أيهما".
(٣) في "صحيح البخاري": "تسوّل إلي".
(٤) في "صحيح البخاري": "يا معشر قريش".

<<  <  ج: ص:  >  >>